المغادرون من عربين يغالبون دموعهم قيل اجلائهم من جنوب الغوطة الشرقية

[ حافلات عند مدخل حرستا في الغوطة الشرقية تنتظر للانطلاق وهي تقل مقاتلين ومدنيين من هذه المنطقة الى ادلب 25مارس 2018 (أ ف ب) ]

تستعد دفعة جديدة من المقاتلين والمدنيين وهم يغالبون دموعهم لمغادرة جنوب الغوطة الشرقية بموجب اتفاق مع روسيا، ما سيؤدي في حال اتمام تنفيذه الى احكام سيطرة قوات النظام على هذه المنطقة.
 
وبعد حصار محكم فرضته منذ العام 2013 وحملة عسكرية عنيفة بدأتها في 18 شباط/فبراير، باتت قوات النظام تسيطر على أكثر من تسعين في المئة من مساحة الغوطة الشرقية، التي تعد خسارتها ضربة موجعة للفصائل المعارضة في آخر معاقلها قرب دمشق.
 
وتوصلت روسيا تباعاً مع فصيلي حركة أحرار الشام في مدينة حرستا وفيلق الرحمن في جنوب الغوطة الشرقية، الى اتفاقي اجلاء للمقاتلين والمدنيين الى منطقة ادلب (شمال غرب)، تم تنفيذ الأول ويستكمل تنفيذ الثاني الأحد، فيما لا تزال المفاوضات مستمرة بشأن مدينة دوما، معقل جيش الاسلام.
 
وتجمع عشرات المقاتلين والمدنيين في عربين الأحد وسط حالة من الحزن، بعدما وضبوا ما أمكنهم من حاجياتهم في الحقائب وأكياس من القماش، قبل أن يستقلوا أولى الحافلات في طريقهم الى حرستا، نقطة التجمع قبل الانطلاق الى مناطق الشمال.
 
ولم يتمكن الأهالي من حبس دموعهم وهم يهمون بالصعود الى الحافلات التي وصلت صباحاً وتوقفت في شوارع مملوءة بالركام وعلى ضفتيها أبنية مهدمة وأخرى تصدعت واجهاتها او طوابقها العلوية جراء كثافة القصف، وفق ما افاد مراسل فرانس برس في المدينة.
 
وقال أحد السكان حمزة عباس لفرانس برس "تخرج الناس الى بلاد غير بلادها. لم يعد لديها مال أو منازل أو حتى ملابس ليأخذوها نتيجة القصف".
 
وأضاف بتأثر "قررت مغادرة الغوطة، كيف بامكاني أن أعيش مع شخص قتل أهلي وأصدقائي؟ مع من دمرني ودمر مستقبلي؟".
 
وتنتظر في هذه الاثناء 15 حافلة تقل 898 مقاتلاً مع أفراد عائلاتهم من عربين، وفق ما أوردت وكالة الأنباء السورية الرسمية عند منطقة حرستا.
 
- 107 آلاف مدني -
 
وبعد خروجها من عربين، تتوقف الحافلات تباعاً في حرستا بانتظار اكتمال القافلة تمهيداً لانطلاقها نحو الشمال.
 
في تلك النقطة، تخضع الحافلات لعملية تفتيش قبل أن يستقل جندي روسي كل حافلة لمرافقتها حتى بلوغ وجهتها، وفق مراسل لفرانس برس في حرستا.
 
وتعد هذه القافلة الثانية التي يتم اجلاؤها من عربين والبلدات المجاورة تحت سيطرة فيلق الرحمن غداة قافلة أولى نقلت نحو الف مقاتل ومدني من المنطقة وبلغت الأحد قلعة المضيق في ريف حماة الشمالي، المحطة ما قبل الاخيرة قبل توجهها الى ادلب، وفق ما أفاد مراسل فرانس برس في المنطقة.
 
ومن المقرر بموجب الاتفاق الذي تم التوصل اليه "اثر مفاوضات مع روسيا" وفق ما أعلن فيلق الرحمن، اجلاء نحو سبعة الاف شخص من زملكا وعربين وعين ترما وحي جوبر الدمشقي، في عملية قد تتواصل خلال اليومين المقبلين.
 
ويأتي اخلاء جنوب الغوطة الشرقية حيث لهيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) تواجد محدود بعد اجلاء اكثر من 4500 شخص بينهم 1400 مقاتل من حركة احرار الشام يومي الخميس والجمعة.
 
وتتعرض الغوطة الشرقية منذ 18 شباط/فبراير لحملة عسكرية عنيفة، تمكنت خلالها قوات النظام من تضييق الخناق وبشكل تدريجي على الفصائل وتقسيم مناطق سيطرتها إلى ثلاثة جيوب منفصلة، ما دفع بمقاتلي المعارضة الى القبول بالتفاوض.
 
وخلال شهر من العمليات العسكرية، قتل خلال أكثر من شهر من الهجوم أكثر من 1630 مدنياً بينهم نحو 330 طفلاً على الاقل.
 
وقبل التوصل الى اتفاقات الاجلاء، تدفق عشرات الآلاف من المدنيين الى مناطق سيطرة قوات النظام مع تقدمها ميدانياً داخل الغوطة.
 
وقدرت دمشق عدد الذين غادروا من بلدات ومدن الغوطة الشرقية منذ نحو أسبوعين بأكثر من 107 آلاف مدني عبر "الممرات الآمنة" التي حددتها الحكومة السورية. وغالباً ما يتم نقلهم الى مراكز ايواء حكومية في ريف دمشق، تكتظ بالمدنيين.
 
- بانتظار مصير دوما-
 
في غضون ذلك، ما زال مصير مدينة دوما، كبرى مدن الغوطة الشرقية مجهولاً مع انتظار نتائج مفاوضات تجرى مع مسؤولين روس.
 
ويرجح المرصد السوري لحقوق الانسان أن تؤدي المفاوضات إلى اتفاق يقضي بتحويلها الى منطقة "مصالحة" على أن تعود اليها مؤسسات الدولة مع بقاء مقاتلي "جيش الإسلام" من دون دخول قوات النظام.
 
وتتواصل منذ أيام عدة حركة النزوح من دوما عبر معبر الوافدين شمالاً.
 
ووضع النظام السوري، مطلع هذا العام، الاولوية لاستعادة السيطرة على الغوطة الشرقية، التي تحظى برمزية كبيرة لقربها من العاصمة وتعد من أوائل المناطق التي شهدت مظاهرات احتجاجية مناهضة للنظام في عام 2011.
 
وطوال فترة سيطرتها على المنطقة، احتفظت الفصائل بقدرتها على تهديد أمن دمشق من خلال اطلاق القذائف التي استهدفت احداها السبت مدينة رياضية في حي المزرعة، متسببة بمقتل طفل لاعب كرة قدم من فئة الأشبال واصابة سبعة اخرين من رفاقه بجروح، وفق ما أوردت وكالة سانا.
 
وقال الرئيس السوري بشار الأسد متوجهاً لجنود شاركوا في عملية الغوطة منتصف الشهر الجاري إن "أهالي دمشق أكثر من ممتنين لكم وسيذكرون هذا الأمر لعشرات السنين وربما لأولادهم، كيف أنقذتم مدينة دمشق".
 
وخلال سنوات النزاع، شهدت مناطق سورية عدة بينها مدن وبلدات قرب دمشق عمليات إجلاء لآلاف المقاتلين المعارضين والمدنيين بموجب اتفاقات مع القوات الحكومية إثر حصار وهجوم عنيف، أبرزها الأحياء الشرقية في مدينة حلب نهاية العام 2016.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر