ليلة في "الريتز كارلتون" في الرياض: عودة الى ما قبل التوقيفات

كأن توقيف عشرات الامراء والمسؤولين السعوديين طوال ثلاثة أشهر في فندق "الريتز كارلتون" في الرياض، لم يحدث فعلا: موسيقى العود تصدح في الممرات، نزلاء يلتقطون الصور وسرير مريح في غرفة فخمة ومكلفة.
 
في الليلة الاولى بعد اعادة افتتاح الفندق أمام النزلاء، بحث الزبائن الذين قرروا تمضية ليلتهم فيه عن اية آثار مرتبطة بحملة التوقيفات، الا ان أملهم خاب بعدما اكتشفوا ان الفندق عاد تماما الى ما كان عليه قبل ثلاثة أشهر.
 
"الفرق الوحيد ان البوابات الرئيسية فتحت من جديد"، يقول موظف استقبال مبتسما.
 
لكن بالنسبة الى دبلوماسي غربي جلس يحتسي كوبا من القهوة ويستمع الى موسيقى العود المتصاعدة من مكبرات الصوت، فان أهم تغيير في الفندق هو "لائحة النزلاء".
 
وكان هذا الفندق الفخم الذي يقيم فيه عادة رؤساء دول ووزراء ورجال اعمال، اغلق في الرابع من تشرين الثاني/نوفمبر بعد اطلاق حملة التوقيفات واسعة النطاق من قبل هيئة لمكافحة الفساد يترأسها ولي العهد الامير محمد بن سلمان.
 
واحتجز العديد من الشخصيات من بين اكثر من 381 مشتبها بهم كانوا موضع تحقيق، في الفندق الفخم الذي ازدادت شهرته بشكل كبير على الإثر.
 
وبين هؤلاء الوزراء والوزراء السابقين والامراء ورجال الاعمال الامير الوليد بن طلال ابن عم ولي العهد، والذي افرج عنه في 27 كانون الثاني/يناير بعد التوصل الى اتفاق مع السلطات لم يكشف مضمونه. وهو من أغنى رجال الأعمال في العالم.
 
وبحسب شركاء تجاريين لبعض رجال الاعمال الذين اوقفوا في الفندق، فان كل موقوف منح غرفة فيها تلفزيون، الا انهم منعوا من استخدام هواتفهم او الاتصال بالعالم الخارجي عبر الانترنت.
 
كما ان السلطات قامت بازالة كافة الادوات الحادة والزجاجية من اجل منع الموقوفين من الحاق الاذى بأنفسهم، وفقا للمصادر ذاتها.
 
مع افتتاح الفندق امام الزبائن من جديد الاحد، عادت الادوات الحادة والاواني الزجاجية الى غرف الفندق، وبينها غرفة بات فيها صحافي فرانس برس.
 
ولم يتضح ما اذا كان احد الموقوفين قد أقام بالغرفة ذاتها، الا ان العديد من هؤلاء قضوا فترة احتجازهم في الغرف الكبيرة الفاخرة الاخرى التي تضم مطابخ وصالات استقبال.
 
وفي الليلة الاولى بعد الافتتاح الجديد، بدا وكأن ادارة الفندق قد طلبت من الموظفين عدم التحدث الى الصحافيين حول فترة احتجاز الامراء والمسؤولين ورجال الاعمال.
 
- "حساسة جدا" -
 
أبلغ أحد الموظفين فرانس برس انه كان في اجازة طوال الاشهر الثلاثة الماضية، بينما قال موظف آخر انه كان حاضرا خلال هذه الفترة، رافضا الافصاح عن اية تفاصيل حيال ما شاهده او سمعه.
 
وبسؤاله عن أثر حملة التوقيفات على الفندق بعدما أصبح يعرف على الانترنت باسم "السجن الفخم"، رفض مسؤول في قسم العلاقات العامة الرد او التعليق، قائلا ان المسألة "حساسة جدا".
 
ورفضت ادارة الفندق السماح لمصوري فرانس برس بالتقاط الصور فيه، لكنها اصطحبت مراسل الوكالة في جولة شملت حمام السباحة الداخلي والمطاعم المختلفة وكانت معظمها فارغة من الزبائن.
 
لكن في المقهى الواقع في قاعة الاستقبال، قامت عائلات سعودية بالتقاط الصور.
 
وبعدما اجبروا على المغادرة مساء الرابع من تشرين الثاني/نوفمبر، عاد رجال أعمال الى الفندق. وقال احدهم "طُلب منا فجاة مغادرة الفندق بعدما ابلغنا بان هناك مناسبة ما. من الجيد العودة الى هنا".
 
وكانت حملة التوقيفات اثارت قلقا لدى المستثمرين وخشية من ان يسارعوا الى سحب رؤوس الاموال ما قد يؤدي ايضا الى إبطاء الاصلاحات في المملكة الباحثة عن تنويع اقتصادها لوقف ارتهانه للنفط.
 
بالنسبة الى اندرو بوين الباحث في معهد "اميركان انتربرايز"، فان اعادة الثقة الى المستثمرين "تتطلب اكثر من طلاء جديد في الفندق".
 
ويرى مراقبون ان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان طوى صفحة أعراف في ممارسة الحكم تعود إلى عقود خلت تبناها أسلافه عبر قيامه بحملة التطهير غير المسبوقة التي استهدفت الأمراء والمسؤولين.
 
ويقول هؤلاء ان الأمير الشاب الذي يتولى مناصب رفيعة المستوى عديدة في المملكة يعمل على ترسيخ موقعه وتشديد قبضته على السياسة والاقتصاد والمجتمع، قبل تتويجه ملكا خلفا لوالده.
 
عند منتصف الليل، كانت قاعة الاستقبال في الفندق خالية تماما من الزبائن. وحدهم عمال النظافة انتشروا في ارجاء المكان يعملون على تلميع الارض الرخامية.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر