رئاسيات مصر 2018.. انتخابات "بطعم الاستفتاء"

قبل نحو أسبوع من بدء ماراثون الانتخابات الرئاسية في مصر، تسود مخاوف من "فراغ" بالمرشحين، ما يعيد البلاد إلى زمن الاستفتاءات على منصب الرئيس.
 
ويبدو المشهد "غامضا" جراء وجود مرشحين محتملين يقولون إن أمامهم عوائق، ومخاوف من أن يكون "مضمار" السباق بلا عدائين حقيقيين.
 
وتبدأ الهيئة الوطنية للانتخابات (قضائية مستقلة) تلقي طلبات الترشح 20 يناير / كانون الثاني الجاري لمدة 10 أيام.
 
ومن المقرر أن تعلن القائمة النهائية للمرشحين 20 فبراير / شباط المقبل لخوض الانتخابات المقررة مارس / آذار المقبل.
 
ولقبول أوراق المرشح، يشترط حصوله على تزكية 20 نائبا في البرلمان (من أصل 596)، أو تأييد ما لا يقل عن 25 ألف مواطن يمثلون 15 محافظة على الأقل، وبحد أدنى ألف مؤيد من كل محافظة.
 
وأعلن 516 نائبا ـ أي ما نسبته 86 بالمائة من النواب ـ تزكيتهم ترشح الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، فيما لم يعلن أعضاء حزب النور (إسلامي / 13 نائبا) وتكتل "20 ـ 25" المعارض بالبرلمان (16 نائبا) اعتزامهم تزكية مرشح بعينه.
 
ومع تراجع رئيس الوزراء الأسبق أحمد شفيق عن الترشح، وهو الذي كان يعد المنافس الأقوى للسيسي، وعوائق تزكية النواب أو تأييد 25 ألف ناخب أمام المرشحين المحتملين، وبينهم المحامي الحقوقي خالد علي، الذي يحاكم حاليا بتهمة "الإشارة بفعل فاضح" خلال تظاهرة، ما قد يمنعه من استكمال السباق، تزداد حظوظ الرئيس الحالي الذي لم يعلن رسميا خوض السباق بعد.
 
كما أعلن، الاثنين، البرلماني السابق محمد أنور السادات، تراجعه عن الترشح بقوله: "فضلت ألا أكون منافسا شكليا أو جزءا من مسرحية".
 
ومع بزوغ منافس جديد وهو رئيس أركان الجيش الأسبق الفريق سامي عنان، وإعلان مسؤول في حزب "مصر العروبة الديمقراطي" الذي أسسه عنان، خوض الأخير انتخابات رئاسة البلاد، اعتبره خبير قد "يقلب الطاولة"، فيما أكد آخران أن حظوظه أيضا "قليلة" رغم عدم إعلانه رسميا.
 
فيما اعتبر أكاديمي مصري أنه "ربما تحدث مفاجآت في ترشح بعض الشخصيات العامة المعروفة خلال الأيام المقبلة، بعيدا عن الأسماء المطروحة في بورصة الترشيحات".
 
وأعلن رئيس نادي الزمالك مرتضى منصور ترشحه للرئاسة للمرة الثانية بعد تراجعه عن قرار مماثل في رئاسيات 2014، وهو ما أثار ضجة على منصات التواصل الاجتماعي جعلته يتصدر تريند تويتر عبر تغريدات صاحبها نوع من السخرية. غير أنه عمليا لم يتخذ بعد أي إجراء على طريق ترشحه.
 
وفي حال عدم قدرة المنافسين على اجتياز شروط الترشح، تنص المادة 36 من قانون الانتخابات الرئاسية على أنه "يتم الاقتراع لانتخاب رئيس الجمهورية حتى لو تقدم للترشح مرشح وحيد أو لم يبق سواه بسبب تنازل باقي المرشحين، وفي هذه الحالة يعلن فوزه إن حصل على 5 % من إجمالي عدد الناخبين المقيدة أسماؤهم بقاعدة بيانات الناخبين، فإن لم يحصل المرشح على هذه النسبة تعلن لجنة الانتخابات الرئاسية فتح باب الترشح لانتخابات أخرى خلال خمسة عشر يوما على الأكثر من تاريخ إعلان النتيجة".
 
** أقرب للاستفتاء
 
أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة حسن نافعة، يقول في حديث للأناضول، إنه حتى الآن لا يوجد منافس قوي للسيسي "وهذا معناه أننا بصدد عملية انتخابية أقرب إلى الاستفتاء".
 
قبل أن يستدرك: "ولكن إذا ترشح رئيس أركان الجيش الأسبق الفريق سامي عنان، ستنقلب موازين الانتخابات رأسا على عقب كونه رجل دولة ويستطيع المنافسة".
 
ويشير إلى أن إعلان حزب (مصر العروبة) عنان ترشيحه وقبول الأخير ليس معناه أنه مرشح فعلي "وأتوقع أن تثار عقبات كثيرة لإثنائه عن الترشيح".
 
وقبيل رئاسيات 2014، أعلن عنان اعتزامه الترشح قبل أن يتراجع لما اعتبره حينها "ترفعا منه أن يزج بنفسه في صراعات ومخططات تستهدف مصر والقوات المسلحة".
 
** النتيجة شبه محسومة
 
عاطف سعداوي، الخبير في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية (حكومي)، يقول إن فكرة وجود مرشح لديه فرص "أصبح حلما" لدى الناس حتى تكتمل الصورة الديمقراطية، حيث إن معيار نجاح أي انتخابات هو نسبة المشاركة، وهو ما يتحقق عندما تكون النتيجة غير محسومة عبر منافسة قوية.
 
ويشير في حديث للأناضول إلى أن الخريطة غير واضحة وملتبسة، وبعد تراجع شفيق عن العملية الانتخابية لم يعد هناك مرشح قوي يستطيع منافسة الرئيس الحالي حال ترشحه رسميا.
 
ويمضى قائلا: "كلما زاد عدد المرشحين كانت الصورة أفضل، سامي عنان سيحدث حالة من الزخم والمشاركة بالانتخابات لخلفيته العسكرية، إلا أن فترة وجوده ضمن المجلس العسكري (تولى إدارة شؤون البلاد في المرحلة الانتقالية التي تلت ثورة 25 يناير / كانون الثاني 2011) أفقدته بعضا من رصيده لما شابها من أزمات".
 
ويستدرك "لكن النتيجة محسومة للسيسي بكل تأكيد كما حدث في 2014".
 
ويؤكد أن "مقاطعة الانتخابات لن تضعف من شرعية النظام أو عدد المرشحين أو قوتهم"، لافتا إلى أن المجتمع الدولي أيضا لديه معايير في الانتخابات، ومنها هل كانت نزيهة أم شابتها خروقات؟
 
وفاز السيسي في انتخابات 2014 بحصوله على 96.9 في المائة، في حين نال منافسه حمدين صباحي 1.4 %، وحلت الأصوات الباطلة في المركز الثاني بنسبة 1.7 %.
 
** أمر واقع
 
المحلل مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية (غير حكومي مقره القاهرة)، يرى أن "مصر أمام أمر واقع وليس انتخابات، المشهد أشبه بالاستفتاء".
 
ويضيف غباشي، للأناضول، أنه لا توجد منافسة في الانتخابات القادمة، حظوظ السيسي أقوى حتى لو ترشح سامي عنان.
 
ويرى أن هناك رغبة وحشدا من كافة مؤسسات الدولة للنظام الحالي وهو ما لا يستطيع أي منافس مجاراته.
 
ويشير إلى أن المطلوب حاليا هو أن يخرج السيسي للناس ويتحدث عن برنامج واضح للسنوات الأربع القادمة، لكي يطمئن المصريين إلى الأوضاع القادمة.
 
** مفاجأة محتملة
 
الأكاديمي وأستاذ العلوم السياسية طارق فهمي، يقول إن الصورة "غير واضحة" وربما تتغير خريطة الانتخابات خلال الفترة المقبلة.
 
ويتوقع فهمي في حديث للأناضول، وجود مرشحين جدد قائلا: "ربما تحدث مفاجآت في ترشيح بعض الشخصيات العامة المعروفة خلال الأيام المقبلة، بعيدا عن الأسماء المطروحة في بورصة الترشيحات"، من دون توضيح.
 
ويشير إلى أن التكهنات التي تقول إن العملية الانتخابية ستكون شكلية، وستمضي في مسار واحد ومرشح واحد، غير صحيحة، ومن مصلحة الدولة المصرية أن تخرج الانتخابات بشكل يليق بها.
 
ويمضى قائلا: "نتفق أو نختلف على السنوات الأربع الماضية، لكن فرص الرئيس الحالي أقوى، وما أعلنه مؤخرا من كشف حساب لولايته الأولى جاء لأن المصريين لن يعطوا "شيك على بياض" لأي شخص.
 
** من الاستفتاء إلى الانتخاب
 
ومنذ تحول مصر من الملكية إلى الجمهورية في أعقاب ثورة 23 يوليو / تموز 1952، تبدلت طرق انتخاب منصب رئيس البلاد، وطوال 53 عاما اختير الرئيس بالاستفتاء المباشر من دون منافسة تعددية بدأت باستفتاء 1956 على رئاسة جمال عبد الناصر (1956 ـ 1970)، وآخرها كان استفتاء 1999 لرئاسة حسني مبارك (1981 ـ 2011).
 
وعرف المصريون للمرة الأولى الانتخابات التعددية عام 2005 في عهد مبارك، على الرغم من الانتقادات التي وُجهت إليها بأنها كانت "صورية"، حيث تغير شكل انتخاب الرئيس بعد إجراء تعديل دستوري يسمح بإجراء انتخابات تعددية تنافسية بين أكثر من مرشح، حيث نافس مبارك حينها السياسي أيمن نور.
 
وكانت انتخابات 2012 الأكثر تنافسية بسبب تقارب نتائج المرشحين وتنوعهم بدرجة كبرى، إذ أسفرت في جولتها الأولى عن تصدر مرشح جماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي، وحل شفيق وصيفا، وفي المركز الثالث جاء حمدين صباحي، قبل فوز مرسي في جولة الإعادة.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر