روبرت موغابي محرر زيمبابوي الذي تحول إلى طاغية

أكثر من خمسة وأربعين عاما قضاها روبرت موغابي رئيس زيمبابوي في السياسة، مشوار بدأه بمناهضة الاحتلال البريطاني، ليستأثر بعد ذلك بالحكم، محاولا إسكات جميع الأصوات المعارضة. في البداية أشيد بسياساته حول التواصل مع الأقلية البيضاء وبنهجه الاقتصادي. لكن سرعان ما اتهمه معارضوه بالدكتاتورية وبفرض حزبه "الاتحاد الوطني الأفريقي" على المشهد السياسي.
 
استقال روبرت موغابي (93 عاما) من منصبه كرئيس لزيمبابوي لينهي بذلك حكما استمر 37 عاما وكان قد وعد ذات يوم بأن يحتفل بعيد ميلاده المئة وهو في السلطة، مجسدا صورة الطاغية الأفريقي المستعد لكل شيء من أجل إطالة حكمه.
 
كان موغابي قد استقبل بصفته المحرر يوم الاستقلال في 1980. لكن "الرفيق بوب" تخلى عنه تدريجيا كل الموالون لنظامه في بداية عهد استبدادي حكم فيه بلا منازع لـ37 عاما وأدى الى انهيار بلده.
 
وقال شادراك غوتو الأستاذ في جامعة أونيسا بجنوب إفريقيا "كان قائدا أدت سلطته إلى تركيع زيمبابوي".
 
لكن عندما تولى قيادة روديسيا التي كانت تحكمها الأقلية البيضاء، كان موغابي يثير الإعجاب. فسياسة المصالحة التي اتبعها باسم حماية وحدة البلاد جعلته محور إشادات خصوصا في العواصم الأجنبية. وقال حينذاك "كنتم أعداء الأمس واليوم أنتم أصدقائي".
 
وقد عين شخصيات من البيض في مناصب وزارية مهمة وسمح لزعيمهم إيان سميث بالبقاء في البلاد.
 
وبدا الثائر موغابي الذي يحمل شهادات جامعية، زعيما نموذجيا. ففي عشر سنوات حققت البلاد تقدما كبيرا من بناء مدارس إلى فتح مراكز صحية وتأمين مساكن للأغلبية السوداء. لكن البطل بدأ في وقت مبكر جدا بالتصدي لمعارضيه.
 
البدايات السياسية
 
ولد روبرت غابرييل موغابي في 21 شباط/فبراير 1924 في بعثة التبشير الكاثوليكية في كوتاما (وسط). وقد وصف بأنه طفل وحيد ومثابر يراقب الماشية وهو يقرأ.
 
وبينما كانت تراوده فكرة أن يصبح قسا، دخل سلك التعليم، ولاحقا أغرته الماركسية، واكتشف السياسة في جامعة فورت هاري التي كانت المؤسسة الوحيدة المفتوحة للسود في جنوب إفريقيا في نظام الفصل العنصري. في 1960 التحق بالنضال ضد الحكم الأبيض والعنصري في روديسيا.
 
وقد أوقف بعد أربع سنوات وأمضى في السجن عشر سنوات جعلته يشعر بمرارة كبيرة. فقد رفضت السلطات السماح له بالمشاركة في تشييع ابنه البالغ من العمر أربع سنوات وأنجبه من زوجته الأولى سالي هايفرون التي توفيت في 1992.
 
بعيد إطلاق سراحه لجأ إلى موزمبيق المجاورة حيث تولى قيادة الكفاح المسلح حتى استقلال بلده وتوليه السلطة. وطوال مسيرته برهن على تصميم وذكاء لا شك فيهما.
 
الطريق إلى الطغيان
 
في 1982، أرسل موغابي الجيش إلى إقليم ماتابيليلاند (جنوب غرب) المنشق، وحليفه السابق في حرب الاستقلال جوشوا نكومو. وأسفر القمع الوحشي عن سقوط نحو عشرين ألف قتيل.
 
لكن العالم غض النظر. ولم ينته هذا الوضع إلا في الألفية الجديدة مع تجاوزاته ضد المعارضة وعمليات التزوير في الانتخابات والإصلاح الزراعي العنيف الذي قام به.
 
وبعدما أضعف سياسيا وزعزع استقراره رفاقه السابقون في حرب الاستقلال، قرر موغابي شغلهم بإطلاقهم ضد المزارعين البيض الذين كانوا يملكون الجزء الأكبر من أراضي البلاد.
 
وأصبح مئات الآلاف من السود مالكين لأراض لكن بعد أعمال عنف أجبرت معظم المزارعين البيض البالغ عددهم 4500 على مغادرة البلاد. وقد احتلوا العناوين الرئيسية لوسائل الإعلام الغربية.
 
وسرعت حملة الإصلاح انهيار الاقتصاد الذي كان متعثرا أساسا. واليوم تعاني زيمبابوي من نقص في السيولة ويعاني تسعون بالمئة من سكانها من البطالة.
 
وبعدما جسد موغابي نجاح إفريقيا المستقلة، تحول بلده الى دولة مارقة، لكنه تكيف مع الوضع.
 
وفي خطاب ضد الامبريالية، حمل موغابي الغرب مسؤولية كل مشاكل البلاد وخصوصها انهيارها المالي، ورفض كل الاتهامات بالاستبداد. وقال في 2013 "إذا قال لك أشخاص إنك ديكتاتور (...) فهم يفعلون ذلك خصوصا للإضرار بك وتشويه صورتك لذلك لا تهتم بذلك".
 
لكن على الرغم من كل الانتقادات التي طالته، حافظ موغابي على مكانته كبطل تحرير البلاد لدى الدول الإفريقية المجاورة.
 
وقال رئيس ساحل العاج "حان الوقت ليتخلى عن كرسيه لجيل جديد" لكن "يجب أن يتمكن من مغادرة منصبه بكرامة".

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر