مع قرب تحريرها.. "دواعش" الموصل يتجرعون كأس الفرار الذي أسقوه لسكانها

"إلى أين أنسحب ؟ وكيف ؟ ما هو مصير أبنائي العشرة ؟ حتما سيتأذون خلال الفرار إلى سوريا"، بهذه التساؤلات كان يصرخ أحد مقاتلي تنظيم "داعش" الإرهابي عبر الهاتف من أعلى سطح منزله شرقي مدينة الموصل شمالي العراق، مخاطباً عناصر آخرين من التنظيم لمحاولة تأمين انسحابه من المدينة قبيل اجتياحها من القوات العراقية.

 

"أبو تحسين" أحد سكان الموصل، نقل لمراسل الأناضول تلك المحادثة الهاتفية لجاره المنتمي لـ"داعش" الذي يُدعى "أبو تبارك" وخطط للفرار إلى سوريا خشية من مصير مجهول ينتظره في حال هزيمة تنظيمه على يد القوات العراقية.

 

يقول "أبو تحسين" الذي أطلق على نفسه هذا الاسم خلال حديث هاتفي مع الأناضول ضمن شبكات اتصال ضعيفة تتوفر في مناطق قريبة من الإقليم الكردي بالعراق: "أبو تبارك، اتخذ من منزل جارتنا المسيحية أم ريان مسكناً له، بعد أن فرت من الموصل عقب سيطرة تنظيم داعش عليها".

 

ويضيف: "كان أبو تبارك يتبادل الحديث بصوت عال نظراً لرداءة شبكات الهواتف النقالة بالمدينة، مع عناصر آخرين من التنظيم حول تأمين انسحابه باتجاه سوريا".

 

ويتابع "عناصر داعش طلبوا من زميلهم أبو تبارك الانسحاب كما فعلوا هم في وقت سابق وهو كان يتسائل عن آلية ذلك ومصير أفراد عائلته".

 

ومع بدء العد التنازلي لتحرير الموصل يخيم الخوف والقلق على عناصر التنظيم أو المؤيدين له لاسيما المحليين منهم، من أن يكون مصيرهم الاعتقال على أيدي القوات العراقية أو القتل أو التعرض لأعمال انتقامية من الأشخاص الذين تعرضوا للأذى والاضطهاد بسببهم، الأمر الذي دفعهم إلى الاستعداد للهرب من المدينة باتجاه سوريا.

 

ويلجأ عناصر "داعش" إلى الهرب من الموصل بطرق وأساليب كانوا يحرمونها على المدنيين ويعاقبون بالاعتقال أو القتل من يحاول استخدامها.

 

ومنذ سيطرة التنظيم المتطرف على الموصل في 10 يونيو/ حزيران 2014، فرض طوقاً مشدداً على المدينة ومنع سكانها من مغادرتها تحت أية ذريعة، إلا أن كثيراً من المدنيين كانوا يهربون بالاستعانة بأشخاص مختصون بهذا الشأن مقابل مبالغ مالية كبيرة.

 

ومنذ إطلاق القوات العراقية بإسناد من التحالف الدولي لعملية تحرير الموصل، في 17 أكتوبر/ تشرين أول الجاري، بدأ عناصر "داعش" يتقربون من المختصين بعمليات تهريب البشر، ليساعدوهم على التوجه إلى الجانب السوري عن طريق مدينة "تلعفر" (60 كم غرب الموصل)، بعد أن علموا أن نهاية تنظيمهم باتت قريبة.

 

أحد عناصر التنظيم الإرهابي في منطقة "الساعة" الشعبية بالموصل القديمة في الجانب الأيمن من المدينة (الضفة اليمنى لنهر دجلة)، هو الآخر يحاول الهرب باتجاه سوريا، بحسب ما نقل للأناضول "أبو هاجر" أحد سكان المنطقة.

 

ويقول "أبو هاجر" الذي فضل تسميته بهذا الاسم خوفاً على حياته من خطر "داعش"، إن جاره كان قبل عامين ونصف يُظهر انتماؤه للتنظيم بكل وضوح وحماسة، إلا أنه بعد تحرير مدينة الفلوجة (غربي العراق) قلّ حماسة وأخذ يتجنب التواجد في المنطقة قدر الإمكان ولا يذهب للمسجد في محاولة لتغير الصورة التي طبعت عنه في أذهان السكان".

 

ويضيف أنه "بعد الإعلان عن ساعة الصفر لعمليات تحرير الموصل قرر جاري مغادرة المدينة دون أن يعرف أمره أفراد التنظيم، ومع العودة الجزئية لشبكات اتصال الهاتف النقال لاحظت أنه اتصل من فناء منزله بأحد المهربين وتحاور معه عن المبلغ الواجب دفعه لإتمام عملية خروجه من الموصل، وموعد العملية وآليتها".

 

ووفق "أبو هاجر" فإن تهريب شخص واحد من أفراد "داعش" نحو سوريا يكلف 2000 دولار أمريكي، مشيراً إلى أن العملية تكون محفوفة بالمخاطر فالتنظيم الإرهابي يقدم على قتل كل مسلح يقبض عليه وهو يحاول الهرب وهذا ما فعله مع الكثير من عناصره.

 

وتجري عمليات التهريب، بحسب المتحدث نفسه، خلال ساعات متأخرة من الليل عبر شاحنات نقل البضائع والمواد الغذائية القادمة من سوريا إلى الموصل، حيث يعود أفراد "داعش" من هذه الشاحنات على أنهم عمال تفريغ الحمولة.

 

الخبير في شؤون الجماعات المسلحة، العميد المتقاعد "زهير اللهيبي"، توقع في حديث للأناضول، أن تتصاعد وتيرة تهريب عناصر "داعش" كلما اقتربت القوات العراقية من مركز المدينة.

 

وقال إن "عناصر التنظيم سوف يهربون إلى مناطق بعيدة جداً عن الموصل لحماية أنفسهم من العقاب ويضمنون عدم التعرف عليهم من قبل السكان".

 

وترجح جميع الأطراف السياسية والعسكرية المحلية منها والدولية أن يتم حسم معركة الموصل خلال الأسابيع القادمة.

 

وقبل يومين، أعلن الجيش العراقي، استعادة السيطرة على 87 منطقة وقرية بمحيط الموصل من قبضة "داعش"، ومقتل 772 مسلحاً خلال 11 يوماً من المعارك.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر