كتب اليمن المدرسية في السوق السوداء

[ ربّما اشترى كتابه من السوق السوداء (محمد حويس/فرانس برس) ]

لا تنتهي الأزمات المرافقة لتلك الحرب المندلعة في اليمن منذ أربعة أعوام، ولعلّ أزمة التعليم واحدة من أبرزها. هي لا تقتصر على جانب واحد، بل تختلف طبيعتها، ومنها فقدان الكتب المدرسية.

بعد مرور أكثر من شهرَين على بدء الفصل الثاني من العام الدراسي 2018 - 2019، ما زال تلاميذ المدراس في صنعاء ومختلف المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين يشكون من جرّاء عدم حصولهم على كتبهم المدرسية. ويعبّر أولياء الأمور كما التلاميذ في المرحلة الثانوية عن امتعاضهم من ذلك التقصير الذي يضطرهم إلى جهد إضافي للتمكّن من متابعة دروسهم. 

بهاء عزي، تلميذ في المرحلة الثانوية في إحدى مدارس محافظة المحويت، غربي البلاد، يخبر "العربي الجديد" أنّه اضطر إلى تصوير المقررات الدراسية من أحد زملائه في الصف الذي اشتراها بدوره من السوق السوداء، بعد مماطلة إدارة المدرسة في تأمين الكتب المدرسية، وذلك على الرغم من أن الفصل الدراسي الثاني صار في منتصفه. يضيف عزي أنّ "إدارة المدرسة سلّمت بعض الكتب للتلاميذ، لكنّها مُستخدمة من قبل وممزّقة وغير صالحة للدراسة".

ويشير عزي إلى أنّ "هذه المشكلة ليست مستجدّة، لكنّ تأثيرها صار أكبر بسبب تغيّب المدرّسين من جرّاء انقطاع رواتبهم منذ أكثر من عامَين"، شارحاً أنّ هؤلاء "كانوا يعمدون إلى كتابة الدروس في أثناء الحصص الدراسية والتلاميذ ينقلونها على دفاترهم". ولا يخفي عزي أنّ "التعليم في محافظة المحويت شبه متوقف، والتلاميذ يحضرون إلى المدارس فيدردشون بعضهم مع بعض ويغادرونها مبكراً". 

من جهتها، تقول رندا الحميدي، وهي تلميذة في المرحلة الثانوية في إحدى مدارس صنعاء، لـ"العربي الجديد": "التلاميذ في أمانة العاصمة بمعظمهم يعانون من جرّاء عدم تسلّمهم الكتب المدرسية. ونحن نطالب باستمرار إدارة المدرسة بتسليم الكتب، لكنّها تتحجج بأنّ مخازن وزارة التربية والتعليم فارغة ولا تتوفّر إمكانيات لطباعة كتب جديدة". تضيف الحميدي أنّها رفضت تسلّم كتب مستخدمة من الأعوام السابقة لأنّ حالتها سيّئة ولا يستطيع التلميذ متابعة دروسه فيها، "لذا اضطر والدي إلى شراء المنهج الدراسي الكامل لي ولإخوتي الثلاثة من السوق السوداء بأسعار مرتفعة". وتلفت إلى أنّ "كثيرين هم التلاميذ الذين لا يستطيعون شراء المقرّرات الدراسية من السوق السوداء ويكتفون بتصويرها". 


في السياق، يقول عبد الله زايد وهو أب لخمسة تلاميذ لـ"العربي الجديد" إنّه اضطر إلى شراء الكتب المدرسية لخمسة من أبنائه من السوق السوداء، لا سيما مع اقتراب امتحانات الفصل الدراسي الثاني. يضيف زايد أنّ "ثمن الكتب المدرسية لجميع أبنائي يصل إلى 20 ألف ريال يمني (نحو 80 دولاراً أميركياً)، وكان من الصعب توفير هذا المبلغ، خصوصاً أنّ راتبي مقطوع منذ أكثر من عامَين. وأنا بالكاد أستطيع توفير متطلبات الحياة الأساسية لأسرتي". ويبدي زايد استغرابه من "توفّر الكتب المدرسية في المدراس الخاصة، بينما المدراس الحكومية تعاني أزمة كبيرة في هذا الإطار"، سائلاً "هل تدفع المدارس الخاصة المال للمطابع من أجل توفير المقررات؟". 

أمّا المواطن مبارك توفيق، فيؤكد لـ"العربي الجديد" أنّ "أزمة الكتب المدرسية تتجدد مع كلّ فصل دراسي جديد، منذ بدء الحرب في البلاد. وأنا اضطر مع بداية كلّ فصل إلى شراء الكتب المدرسية لأبنائي من السوق السوداء، في منطقة التحرير بوسط صنعاء". ويتهّم توفيق "نافذين في السلطة بافتعال أزمة الكتب في المدارس الحكومية، على الرغم من توفّرها في السوق السوداء، علماً أنّ طباعتها محصورة في المؤسسة العامة لمطابع الكتاب المدرسي (حكومية)". يضيف أنّ "العملية التعليمية في البلاد في تدهور مستمر وقد بلغت أقصاها في خلال الأعوام الأخيرة من جرّاء عدم صرف رواتب المدرّسين". 

بالنسبة إلى المدرّسة عزيزة صبري، فإنّ "عدم إعادة التلاميذ كتبهم المدرسية بعد انتهاء العام الدراسي الماضي، فاقم من الأزمة، لا سيّما مع عجز مطابع الكتاب المدرسي عن طباعة كتب جديدة تكفي الجميع منذ بدء الحرب". تضيف صبري لـ"العربي الجديد" أنّ "أسعار الكتب المدرسية في السوق السوداء مرتفعة وتصل إلى أضعاف سعرها الحقيقي. وكثيرون هم أولياء الأمور الذين لا يستطيعون شراءها لأبنائهم بسبب الفقر". 

يفيد مصدر في المؤسسة العامة لمطابع الكتاب المدرسي في صنعاء "العربي الجديد" بأنّ "كل الكتب المدرسية المتوفرة تُسلَّم فور طباعتها إلى المدارس التي تحتاج إليها، بحسب الإمكانيات المتوفرة. أمّا السبب الرئيسي للنقص في الكتب المدرسية، فهو عدم قدرة المطابع على توفير كميات الورق اللازمة لتغطية الحاجة لأنّها تستورد من الخارج وثمّة عراقيل أمام ذلك بسبب الحرب والحصار". ويؤكد المصدر أنّ "النزوح العشوائي مثّل عبئاً إضافياً على المجتمعات المضيفة، إذ إنّ المدارس ازدحمت بالتلاميذ بالتزامن مع عجز كبير في توفير الكتب المدرسية لهم". 

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) قد أعلنت في إبريل/ نيسان من عام 2017، تعليق دعمها لطباعة الكتب المدرسية لصفوف الرابع والخامس والسادس الابتدائي في اليمن، بعد تغييرات محدودة فيها قامت بها وزارة التربية والتعليم في صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين. تجدر الإشارة إلى أنّ الفصل الدراسي الثاني للعام الدراسي 2018 - 2019 في مدارس اليمن، كان قد بدأ في يناير/ كانون الثاني الماضي على أن يختتم في نهاية إبريل/ نيسان المقبل.

المصدر: العربي الجديد

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر