اليمنيون العالقون في ماليزيا.. بين الفاقة والحنين للوطن 

[ اليمنيون العالقون في ماليزيا.. بين الفاقة والحنين للوطن  ]

بعد أن حطت بها الأسفار في ماليزيا، وجهت الشاعرة اليمنية مليون العنسي رسالة للدول التي تتدخل في شؤون بلادها، وتقول "كفوا أيديكم عنا، كان من المفروض أن لا تتدخلوا في شؤوننا بداية، لقد سعّرتم حربا أكلت الأخضر واليابس، وأهلكت الحرث والنسل". 

وتطالب العنسي القيادات السياسية اليمنية بأن تتقي الله في الشعب، وتضيف في حديثها للجزيرة نت إن خلاص اليمن لن يكون إلا بتقديم مصلحة الوطن على كل اعتبار، وتعتقد أن نسبة الفقر والجوع في بلادها تجاوزت مستوى قد لا تماثله حالة أخرى في العالم. 

ونظرا لقلة الاهتمام بتعليم الفتيات عندما كانت صغيرة في محافظة ذمار التي تنتمي إليها، توقف تعليم الشاعرة الأكاديمي عند الابتدائية، لكنها اليوم تبحث عن مدرسة تؤوي طفلتها التي لم تجلس على مقاعد الدراسة حتى الآن رغم تجاوز عمرها تسع سنوات. 

وما زالت تؤرقها مشاهد حالات الفقر المدقع لنساء وأطفال في بلدها، وتقول إن ما يزيد من الألم أن يكون للأسر الفقيرة معوقون بسبب الحرب، عدا تشريدهم بسبب دمار منازلهم، وهو ما حداها لتدشين حملة لمساعدتهم. 

وقد وصلت الشاعرة ماليزيا قبل نحو ثلاثة أشهر باحثة عن لجوء، وتقول إنها تفاجأت بالواقع الذي يعيشه كثير من أبناء الجالية فيها، لا سيما من لا يملكون إقامات تخولهم للعمل. 

الشرطة والعمل

 ويؤكد صعوبة ظروف العالقين اليمنيين في ماليزيا -كما يصف حالهم الصحفي السابق وليد الفقيه- عدم السماح لطالبي اللجوء بالعمل، ويقول إن الشرطة الماليزية تشن حملات دهم منظمة في المطاعم وأماكن العمل الأخرى بحثا عن المتجاوزين لقوانين الهجرة ومنها تجاوز الإقامات والعمل غير المصرح به لطالبي اللجوء. 

ويعمل الصحفي السابق في صحيفة "26 سبتمبر" نادلا في مطعم يمني بشكل متقطع، ويقول إن العمل بالتهريب هو السبيل الوحيد للبقاء على قيد الحياة، وهي حال آلاف اليمنيين المنتشرين في المدن الماليزية. 

ويؤكد أن أبناء الجالية يحرصون عموما على احترام القوانين الماليزية، وقد نظموا حملات لشكر الحكومة والشعب الماليزيين على استضافتهم، ولكن المشكلة في عدم وجود البديل عن العمل بالتهريب، لمن يملكون بطاقات طلب لجوء من مفوضية اللاجئين في الأمم المتحدة، أو الإقامة المخالفة لمن لا يملكون بطاقات، ولا يستطيعون العودة إلى بلادهم. 

لكن الفقيه يتوقع أن يكون مصيره السجن أو الجنون لو أنه أصر على البقاء في اليمن، وذلك أنه انحاز لثورة 11 فبراير للتخلص من دكتاتورية علي عبد الله صالح -كما يقول- وفقد أسرته بصاروخ استهدف منزله. 

ونظرا لأن ماليزيا غير موقعة على اتفاقيات جنيف للاجئين عام 1953 والبرتوكولات التي تبعتها، ولا تعترف بحقوقهم، فإنها لا تسمح للاجئين بالعمل أو الاستفادة من خدمات الصحة والتعليم الحكومية، وتطالب كل من يدخل البلاد بتأشيرات سياحية بتصويب وضعه القانوني قبل انتهاء مدة التأشيرة. 

حالات إنسانية 

اضطر ردمان قايد إلى ترك عمله في السعودية بعد فرضها رسوما على إقامات الأجانب، ويقول إنه لم يكن بإمكانه دفع 65 ألف ريال لتجديد إقامة أسرته التي تتكون من 11 شخصا، ونظرا لعدم إمكانية الذهاب إلى اليمن بسبب ظروف الحرب، لم يكن أمامه سوى التوجه إلى ماليزيا، حيث يسمح لليمنيين بدخول البلاد دون تأشيرة مسبقة لمدة ثلاثة أشهر. 

وبعد سنة ونصف السنة من وصوله ماليزيا لا يخفى نقص التغذية على أبناء قايد الثمانية، وتتراوح أعمارهم بين سنة وتسع سنوات، منهم اثناء مصابان بالعمى وآخر بأزمة الصدر (الربو). 

ويعمل قايد حاليا بمصنع حلوى السمسم في بيته وبيعها للبقالات العربية في كوالالمبور، ويقول إن هذا العمل لا يكفي لقوت عياله اليومي، وقد حصل مؤخرا على بطاقات طلب لجوء من مكتب مفوضية اللاجئين في الأمم المتحدة تخوله بالإقامة دون العمل. 

ويقول إن مستشفيات السعودية رفضت علاج أبنائه المرضى لأنه لا يملك التكاليف، وكان يأمل بعلاجهم في ماليزيا، لكن الوضع لم يختلف، ويأمل أن تقبل دولة غربية لجوء أسرته لأسباب إنسانية. 

ومثل أسرة قايد تعيش في بناية سكاي فيلا بمنطقة سردانغ حوالي ثلاثمئة أسرة معظمها تنتظر إعادة التوطين من قبل الأمم المتحدة، ولا يسمح لأربابها بالعمل في البلاد أو الوصول للخدمات الأساسية من صحة وتعليم. 

ويقول خالد غيدان الذي قدم من مدينة عدن قبل سبع سنين إن الإحباط ينتاب الكثير من اليمنيين العالقين في ماليزيا، وقد تكلف أحد رجال الأعمال بدفع رسوم المدرسة لاثنين من أبنائه بعد أن فاتهما سن الدراسة. 

ويعمل غيدان مع زوجته بصنع الخبز اليمني في المنزل وبيعه لأبناء وطنه المقيمين في نفس المجمع السكني. ويقدر عدد الجالية في ماليزيا بين عشرين وثلاثين ألفا، وتواجه مؤسسات خيرية صعوبات في الوصول إلى المحتاجين منها نظرا لغياب إحصائيات بالمحتاجين وأماكن وجودهم. 

ولا يقصد اللاجئون عموما ماليزيا -ومنهم اليمنيون- للهجرة، وإنما كمعبر للدول المتقدمة التي تعترف بحقوق اللاجئين، بينما تقول السلطات الماليزية إن تقديم تسهيلات للاجئين الموجودين على أراضيها يشجع آخرين على التوجه إليها، وهو ما لا تطيقه.   

 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر