‏أوزار وطن جريح


نور ناجي

‏أعتقد أن نسبة كبيرة من اليمنيين تركت متابعة السياسية بعد أن دخلت الحرب أتون عامها الرابع دون توقف، وبدأت بالبحث الجدي عن وسيلة لمواصلة الحياة بديلا عن ملاحقة الأوهام.
 
‏أغمض متابعي الأخبار أعينهم عن شريط كلمة عاجل التي توضح زيفها برغم أناقة مذيعيها ولباقتهم. فلا شيء على أرض الواقع يتغير. ولكي أكون أكثر دقة: يتردى وضع البلد والمواطن من سيء إلى أسواء..!
 
‏أعترف أني استرقت النظر للأخبار قبل عدة أيام، ليصفعني خبر عابر عن انضمام دول جديدة للقائمة التي أغلقت حدودها عن اليمني واستثنته من تأشيراتها..!
 
‏يتزايد أعداد تلك الدول ومحاذيرها دون وجود منطق يوضح أسباب اتخاذ مثل تلك الإجراءات. اليمني المجرم دون ذنب اقترفه، والمخطئ دون آثام. ربما خطيئته الوحيدة ضياع أرضه وهو محملق بشاشات الأخبار العالمية في انتظار الفرج، وقبوله بنخبة سياسية فاشلة رغم عدم امتلاكه الوقت المناسب أو القدرة العملية على تغييرها..
 
‏لم أفكر في الهجرة يوما، ولن أهاجر بإذن الله تعالى حتى وإن فتحت لنا الأبواب والمعابر. لكن مجرد التفكير بأن شعبك مصنف تحت خانة "غير المرغوب فيهم"؛ شعب يجب أن يبقى محاصرا حتى يجف ويتشقق ابناؤه، وجع يسد حلقك من علقمه ...
 
‏ليس من الضروري وجودك خلف القضبان لتشعر أنك مسجون؛ تكفيك جنسيتك اليمنية لتعيش حياة المحاصر الذي لا يعرف لمَّ وُضِعَ في خانة الإجرام؟! ما المتوقع مع شعب، لم يتجاهل العالم معاناته وحسب، بل حَوَلَّ كافة أراضيه إلى محجر صحي! أُتفق على أن فنائه داخل حدوده أفضل الحلول المتاحة!
 
وكأن الحرب هي شقيقتنا ذات السمعة السيئة التي ألحقت بنا العار، حتى أمسى العالم يدير لنا ظهره كلما التقانا في سفارة أو مطار!! متناسيا بأن أمواله وأسلحته هي من ألقت اليمن واليمنيين في هذه المحرقة التي لا يراد لها انطفاء! فلا أفضل من تعامل سري مع الحروب لتسويق الاسلحة والمتاجرة بها، على الرغم من ارتداء الجميع زي النزاهة...!
 
‏لن أدّعي بأننا شعب من الملائكة، فنحن كغيرنا؛ فينا المسيء والمخطئ، لكن غالبية هذا الشعب أناس بسطاء، لم يتلوثوا بالسياسة، جل همهم أن يعيشوا حياة مقبولة بأقل الشروط الكريمة. 
 
‏فلماذا يُجمَع شعب بأكمله في سلة واحدة، ويُحاصَر القاتلَ والضحية بين حدود مشتركة؟ في عبثية لا يعبأ بها أحد، وقد مُنِعَ الابرياء من حق تجنب مصير مجهول؟!

‏أليكمل القاتل جريمته؟! أم لتكتمل دورة حياة الضحية، وتُنزع عنها شرنقة معذبيها، متحولة لنسخة أسواء منهم؟!
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر