الثورة والوظيفة العامة


هشام المسوري

 
الثورة حدث ولحظة تاريخية تشتبك فيها ارادة الناس في مواجهة مباشرة مع نظام الظلم المحتكر للسلطة والثروة، وليست أكاديمية تصدّر البعض إلى الحكومة، حتى يأتي من يصور مجرّد الانتماء لفبراير الثورة كمعيار للحصول على مناصب في السلطة والحكومة التنفيذية.. من حق الجميع المشاركة في السلطة وتقلد مناصب في مواقع حكومية باعتبارهم مواطنون، لكن دون أن يتم تصوير تعيين شخصيات ثورية في مناصب حكومية، على أنه استحقاق ثوري ونضالي. فملايين اليمنيين شاركوا في الثورة الشعبية ودفعوا تضحيات كبيرة و كلفة باهظة ولا يزالوا يدفعونها، وبالتالي سيكون من الضرورة حصول جميع هذه الملايين من الناس على مناصب في الحكومة كاستحقاق نضالي!
 
الثورة مهمتها كسر اليات احتكار الثروة والسلطة من قبل النظام التي تثور عليه وانجاز التحول السياسي الى نظام جديد بأسس واليات ومعايير مختلفة، تكسر معادلة احتكار الوظيفة والثروة والمشاركة في السلطة من قبل فئة بعينها، كانت جهوية أو سياسية، وبالتالي تجعل الوظيفة واليات الوصول الى السلطة متاحة أمام جميع المواطنين، وهي أسس ومعايير تتجسد في دستور وقوانين وتشريعات تنتج مؤسسات قوية تحمي ممارسة حقوق المواطنة، وهو ما فشلت الثورة تحقيقه حتى اللحظة لأسباب متعلقة بعفوية الثورة في ظل نظام ابتلع الدولة وجعلها تابعا للسلطة، وعمل على حصر الشأن العام في إطار الفئة الحاكمة، وأجبر الناس على الانصراف إلى الانشغال بشؤونهم الخاصة، وخلق جيشا بلا تقاليد وطنية تجعله يحمي الدولة من السقوط، وانما جيشا شكل عاملا رئيسياً في إسقاط الدولة، أثناء تنفيذه لمهمة قمع الشعب والانتقام للحاكم ومصالح شبكته.
 
وفي ظل غياب تقاليد وطنية راسخة تنظم إدارة المجال السياسي في عملية الانتقال التي تعقب حدوث الثورة وتسبق مرحلة النظام الجديد، ومن ناحية ثانية، لأسباب وعوامل تتعلق بغياب الحد الأدنى من وحدة الكيانات والقوى المنخرطة في الثورة ، ما أدى الى تصدّر  طفيليات وانتهازيات وقيادات نفعية تتحدث باسم تمثيل الثورة حينما كانت الثورة قوية، وما إن دخلت الثورة مرحلة ضعف، انصرفت تلك القيادات نحو بناء علاقات وتشبيكات خاصة مع مراكز التأثير المرتبطة بشبكة النظام القديم للحصول على مكاسب نفعية خاصة عبر الاعتماد على نفس اليات ومعايير وأسس نظام ظالم أوصل البلاد الى مرحلة اندلعت فيها الثورة الشعبية اضطرارياً لإسقاطه، بعد أن أصبح غير قابل للإصلاح وبعد أن بات المواطن غير قادر على تحقيق حقوقه ولا دفع خطر الظلم والفقر في ظل النظام القائم.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر