مريس صمود ونسيان مؤلم


همدان الحقب


كان وما يزال ارتباط المناطق الوسطى بالقضايا الوطنية وطيدا ولم تتخلف طيلة تاريخها عن أي محطة ثورية ونضالية مرت بها اليمن، في الثورة الشعبية كان حضورها فعالا وبصمتها واضحة ، في مختلف ساحات الثورة الشبابية الشعبية ناهضت النظام البائد وقدمت قوافل الشهداء بصمت لأنها اعتادت أن تحضر حيث يحضر الوطن وقضاياه الكبرى .
 
حين اضطر الانقلاب الثورة للمقاومة تصدت المنطقة  وبحزم لتحالف الحرب مخلقة بذلك محور مقاومة دمت مريس جبن  رغم إمكاناتها العسكرية البسيطة التي قامت على جهود ومبادرات ودعم ثوار المنطقة داخل اليمن وخارجه ، لم تصل الشرعية بإسنادها الهامشي للجبهة إلا بعد فترة طويلة كان فيها عود المقاومة قد اشتد إلى درجة جعلت من جبهة محور دمت مريس جبن واحدة من أهم الجبهات التي كبدت الانقلابيين خسائرا فادحة في الأرواح والمعدات بل أن واحدا من أكبر قيادات المليشيا على الاطلاق وهو طه المداني لقي مصرعه في جبهة معركة دمت قبل انسحاب المقاومة منها إلى مريس وغيره الكثير من القيادات الميادينية الإنقلابية الذين أطاحت بهم جبهتنا المتروكة تكابد وحيدة دونما سند ، نعم فالجبهة معزولة ودعم الشرعية والتحالف العربي لها شبه منعدم إلا من الرواتب التي ينتظرها المقاومون الأبطال ما بين كل ثلاثة أو خمسة أشهر .
 
لا تتوقف معاناة جبهة محور دمت جبن مريس عند هذا الحد بل أنها شبه محاصرة جنوبا أيضا إلى الحد الذي تجد فيه صعوبة في إسعاف جريح إلى عدن أو تمرير بضع صفائح ذخيرة للأسلحة الخفيفة والمتوسطة ، جبهة معزولة منسية على أهميتها وعراقتها النضالية ودورها الاستنزافي للانقلابيين ، حد الآن لم يزر الجبهة مثلا أي مسؤول في الشرعية ليشعر الناس أنها تقدر نضالاتهم وتضحياتهم وإسهاماتهم الخالدة في استعادة الجمهورية فيكون بهذا قد شد من أزر الثوار المقاومين ورفع معنوياتهم .
 
والسؤال : هل جهل الشرعية أهمية هذه الجبهة هو الكامن وراء كل هذا الجفاء والإهمال ؟ جبهة مريس في حال توفرت لها إمكانات تؤهلها لتحرير ما تبقى من المنطقة تحت أيدي الإنقلابيين سيجعل منها جبهة لا تقل أهمية عن جبهة تعز أو البيضاء ،  وتعود تلك الأهمية بدرجة أساسية إلى موقع المنطقة الذي يمكنه الربط بين جبهتي البيضاء وإب في حمك وحينها يكون خط التماس الملتهب قد امتد من البيضاء مرورا بما وراء دمت آخر مديريات محافظة الضالع ، أي أمتد إلى يريم المنطقة التي يمكن منها قطع خط إمداد الإنقلابيين القادم من صنعاء وذمار الى تعز لتعزل حينها محافظتي إب وتعز  تماما عن بقية مناطق سيطرة الحوثة ، وتأتي الأهمية الثانية لجبهة محور دمت مريس جبن ممثلة بخزانها البشري الثائر فضلا عن حضور المشروع السياسي الوطني الذي ناهضوا تحت رايته ولعقود نظام صالح ، هذا المجتمع السياسي الذي تشكلت فيه واحدة من أنضج تجارب المشترك .
 
ما أعظم جبهة مريس وهي تكتم أوجاعها وتسمو فوق جراحها ، ثم ما أعظم شبابها وهم قادة للجبهة !! شباب صنعوا حدث فبراير المجيد وصنع منهم قادة بحجمه خاضوا كل تفاصيله ثم رحل بعضهم  شهداء أبرار في ساحات الثورة وآخرين فاءت أرواحهم إلى بارئها في جبهات المقاومة دفاعا عن الثورة وأهدافها  تاركين خلفهم تاريخاً عظيماً يشبه جسارة قلوبهم ونبل وسمو أحلامهم  وتطلعاتهم .
 
ما تزال الجبهة المنسية حتى اللحظة وثابة تكافح وتناضل وتقدم خيرة شبابها لاستعادة الجمهورية ، جبهة وقودها شبابٌ فبراير المجيد حاضر في قلوبهم بقوة وراسخة قيمه رسوخ الجبال  ، كم شهيد غادرنا فوق ترابها وسار على نهجه آخرون كأنما خلقوا للمجد والتضحية ، ها هو ذا بالأمس يغادرنا الشهيد البطل القيادي معين الشمسي وكذلك الشهيد البطل القيادي زعيم الكتمي ، قياديان بارزان في عمر الزهور حملوا مهمة وعناء الدفاع الوطن والكرامة ولم يصدع قلوبهم هول الحداث وتداعياته رغم سنهم الذي فاقته تضحياتهم بأضعاف مضاعفة ،
 
لك الله يا مريس وصبر وتفاني رجال المقاومة الأشاوس فوق جبالك والوديان ، ترفضين الانكسار والمذلة وتختطين للتاريخ والأجيال  مسار الحرية الكرامة .  وداعا يا شهداءنا الأبرار في مريس  فتضحياتكم وحدها تغسلنا من العار والمذلة .

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر