بداية، من المهم التذكير بأن تسمية عيال الشوارع، أطلقها الجنرال في الحرس الثوري الإيراني سعيد قاسم، على الحوثيين، خلال لقاء تلفزيوني، وهذه التسمية تعكس النظرة الدونية للحوثيين، من قبل مرؤوسيهم في طهران، على أن الحوثيين، يسعون لتطبيق هذه النظرة الدونية على الشعب اليمني بأكمله، لسد النقص الذي يشعرون به داخل أنفسهم، ولأجل ذلك يمارسون كل ما هو قبيح؛ ومن ذلك الانتهاكات التي لاتعد ولا تحصى بحق الأطفال.
 
الحديث عن انتهاكات الحوثيين، أو «عيال الشوارع» بحق أطفال اليمن، يحتاج إلى مجلدات كبيرة، تتناول في طياتها قصص مفصلة، لكل مأساة طفل، وجد نفسه في مستنقع الحرب، طوعا أو كرها، يدفع براءته ثمنا لبقاء مشروع السلالة، ويستنشق البارود مكرها، ليهنأ عبدالملك بأجواء نقية تسمح له بإلقاء خطاب من وراء حجاب، يتحدث فيه عن النصر والصمود، في نفس اللحظة التي تنهال عليه لعنات ذوي الضحايا الأطفال، الذين دفع بهم عبدالملك إلى ساحة المواجهة.
 
في الآونة الأخيرة، صعّدت ميليشيا الحوثي من تجنيدها لأطفال المدارس، بشكل إجباري، بعد أن كان التجنيد يعتمد على الإقناع والإغراءات في بداية الحرب، وهو ما يستدعي إلى الذهن صورة سوداوية عن هذه الميليشيا، تؤدي إلى معادلة فحواها:" من لم يقتله الحوثيون بشكل مباشر برصاصهم، سينال نصيبه بشكل غير مباشر، عبر الزج به في صفوفهم الأمامية" وفي كلتا الحالتين، يبقى الأطفال ضحايا ممارسات الحوثيين، سواء في مناطق سيطرتهم، أو المناطق الخاضعة للشرعية، وما يثير الاستغراب أن عمليات التجنيد هذه، يحيط بها صمت مريب، من قبل المنظمات الدولية التي تزعم اهتمامها بحقوق الإنسان.
 
يوما بعد آخر، تتكشف أبعاد المأساة الإنسانية التي يعانيها الأطفال، خصوصاً أطفال المدارس، في زمن الحوثيين، آخر المآسي كانت من مديرية بني حشيش، في ريف صنعاء، 50 طفلا من مدرسة واحدة، أصبحوا مجرد أرقام، في عداد قتلى الحوثيين، بحسب وثيقة صادرة عن إدارة المدرسة، وجدت طريقها للنشر.
 
هذه مذبحة كبيرة بحق 50 أسرة فقدت أطفالها في معركة عبثية، لا ناقة لهم فيها ولا جمل، الأطفال الذين كانت أسرهم ترسم لهم طموحات مستقبلية، وخيالات باسمة تليق ببراءتهم، ذهبوا في طريق رسم نهايتهم المأساوية، وتلك صنيعة عيال الشوارع، الخبراء في زراعة الموت بين أروقة تموج بالحياة، ومأساة الأطفال هذه، لن تكون الأخيرة، فميليشيا الحوثي، يحفل سجلها الإجرامي بالتجديد والتحديث.
 
في ديسمبر الماضي، توالت الأنباء عن قيام الحوثيين، بتجنيد قسري، لأطفال في دور الأيتام بالعاصمة صنعاء، في جريمة جديدة، تضاف لسابقتها، وبقدر ما كشفت هذه الجريمة سطوة الميليشيا، وسقوطها الأخلاقي، وتماديها في طغيانها، كشفت الجريمة أيضا، عن خلل في التركيبة العسكرية للميليشيا، بعد أن فقدت عدد كبير من مقاتليها خلال الحرب، ولجأت لتعويض خسائرها البشرية للتجنيد الطوعي لمن هم دون سن ال40، والقسري لكثير من الأطفال، ولجوء الحوثيين للتجنيد الإجباري للأطفال، بدلا عن تطويع الأطفال وخداعهم كما كانت تفعل من قبل، يظهر بوضوح تهاوي الميليشيا في الوقت الحالي أكثر من أي وقت مضى، كما أنه مؤشرا على بدء تلاشي القوة العسكرية الضاربة للميليشيا.
 
بلغة الأرقام، تشير الإحصائيات الحقوقية، إلى أن الميليشيا الحوثية جنّدت أكثر من 13 ألف طفل، منذ اندلاع الحرب مطلع العام 2015، كما وثقت مصادر حقوقية، مقتل أكثر من 420 طفلا كانوا يقاتلون ضمن صفوف الحوثيين، علما إن الأرقام الحقيقية تفوق بكثير هذه الإحصائيات التقريبية.
 
إجمالاً، فإن جريمة التجنيد الحوثي للأطفال، واستخدامهم وقود لحربه ضد الشعب، لن تقتصر تداعياته على الحاضر، وإنما ستمتد لأجيال قادمة، فليس من السهل على هؤلاء الأطفال، أن يعودوا لحالتهم الطبيعية، بعد أن خاضوا معارك، وعاشوا مواقف صادمة، تفوق أعمارهم بعشرات السنين والأعوام.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر