خلال الفترة القصيرة الماضية، حظي محمد المسوري محامي المخلوع الراحل، بلقاء نائب الرئيس الجنرال علي الأحمر، في إطار التفاهمات بين جناحي المؤتمر، الموالي للشرعية، والموالي للانقلاب، لما سمي، بترتيب البيت المؤتمري، والحفاظ على تماسك الحزب، وبنفس المبررات، فوّض رئيس الوزراء أحمد بن دغر، نفسه وكيلا عن الشعب، في منح مالا يملكه، لمن لا يستحقه، أعلن بن دغر العفو عن أحمد علي عبدالله صالح، وجرائمه بحق الشعب والأرض اليمنية، مؤكدا أن المرحلة تحتاج للتكاتف، لترتيب البيت المؤتمري، وتوحيد صفوف الحزب.
 
ومن خلال هذين الموقفين، يمكن إلقاء نظرة مستقبلية، لما ستؤول إليه أوضاع اليمن، من تسوية، تضمن بقاء تركة صالح في واجهة السلطة، بإيعاز من دول في التحالف العربي، والمراقب للأوضاع الراهنة، يدرك جيدا، أن قوة حزب صالح، أضحت مجرد فقاعة، بعد مقتل الرجل، في معركة خاضها مع عدد محدود من أنصاره، ومثلما لم يتحرك أتباع صالح لإنقاذه، لا يمكن التعويل عليهم في الانتقام لمقتله، فضلا عن التعويل عليهم في خوض معركة وطنية، وهو الذين لا يؤمنون سوى بصنمية بالزعيم الملهم، والزعيم الوطن.
 
لقاء محسن الأحمر، وعفو بن دغر، وما صاحبهما من حديث عن وحدة البيت المؤتمري، دون التطرق لوحدة البيت اليمني، يكشف أننا أمام منطق نفعي، لا يختلف كثيرا عن منطق الراحل صالح، فصالح عمل خلال ثلاثة عقود من الزمن، على ترسيخ سلطة الحزب، على حساب هيبة الدول، وإرادة الشعب، واليوم نجد أن شخصيات كبيرة في ركب الشرعية تسير في نفس الخطى، لإعادة الروح لميليشيا بمسمى حزب، بينما تتبدد هيبة الدولة وشرعيتها، وتستمر آلة القتل في حصد المزيد من أرواح اليمنيين.
 
عندما تنحني الشرعية، لكسب ود أتباع صالح، والمقربين منه، وهم لم يعترفوا بها بعد كسلطة شرعية، فهذا يجعلنا نتساءل عن سر هذا التقرب الغريب، لشخصيات تلطخت بدم اليمنيين، ولم تعترف حتى اللحظة بالشرعية، إضافة إلى أن هذه الشخصيات لم يعد لها ثقل في الواقع الميداني، حتى يعوّل عليها في سرعة حسم المعركة، وهذا يقودنا إلى سؤال آخر: ما الجدوى من التضخيم الإعلامي لتركة صالح، وقد أصبحت جلها أداة بيد الميليشيا الحوثية لمواجهة اليمنيين؟
 
جميعنا نعلم، أن كبار مسؤولي الشرعية، ينتمون لحزب المؤتمر، وتوليهم لهذه المناصب، إنما جاء بعد فك ارتباطهم بمشروع صالح سابقا، أو مشروع الانقلاب عقب وقوعه، غير أن قيام بعض مسؤولي الشرعية، بتحويلها إلى حظيرة تستقبل المتردية والنطيحة، يجعل من الشرعية، أداة لإعادة تدوير جناح صالح الانقلابي، وتمكينه من السيطرة عليها، ومن ثم العودة إلى واجهة السلطة، لكن بصبغة شرعية.
 
عندما قرر صالح مواجهة الحوثيين، اكتشف أتباعه أن الحوثيين عصابة مجرمة، تسفك الدماء، وتنتهك الحرمات، وتدمر المنازل، بعد أن عصبوا أعينهم عن جميع ممارسات الميليشيا بحق اليمنيين طيلة ثلاث سنوات، وهذا يفسر حجم التبعية العمياء لأنصار صالح، حتى يرهنوا قراراتهم المصيرية لقرار صالح نفسه، ورحيل صالح سيدفع قياداته التي تربت على تقديس الأشخاص، إلى البحث عن شخصية جديدة ينهالون عليها بقرابين الطاعة والتقديس الأعمى.
 
محاولات بن دغر، وقيادات صالح في صفوف الشرعية، لترتيب البيت المؤتمري، على حساب تضحيات الشعب اليمني، ودموع أمهات الشهداء، وأنين الجرحى، لن تؤتى أكلها، ولن يسمح الشعب لفراخ الأفاعي أن تلدغه هذه المرة، فكمية الدم المسال، تكفي لأن تلجم أفواه فراخ الأفاعي قبل أن تلدغ.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر