ماذا جنينا منكم ؟!


إفتخار عبده

لم نجن من الانقلابيين في بلدنا اليمن، على مدى نحو ثلاثة أعوام، سوى مزيدا من القتل والدمار والجوع والفقر.
 
لم يأتوا سوى بكل معاني اللا مساواة واللا إنسانية، مع حالات كبيرة من الانتهاكات وأعمال القمع، حتى ضد من كانوا مقربين منهم لفترة طويلة.

لقد جنينا من الانقلاب، أشياءً كثيرةً؛ جنينا الحقد والكراهية والجهل المستميت؛ جنينا الخوف والفقر والهلع؛ جنينا الموت والأمراض والجوع والعطش، بعد انقلابهم المشؤوم على السلطة ومؤسسات الدولة، ومواصلتهم سجن المواطن بالجوع والفقر والمرض.
 
جنينا القصف والقتل وسفك الدماء وهدم البيوت واعتقال ساكنيها، ولم نعد نفهم ما نوع البقعة التي نعيش فيها.. جنينا الهجر والتنقل من مكان إلى آخر بين فينة وأخرى؛ جنينا ثقافة أن نخبي أسماءنا ونخفي ألقابنا ونتظاهر أننا لسنا من تلك المنطقة، خشية قمعهم.
 
وفي هذا الإطار نتذكر الثوار الذين كافحوا كثيرا في السابق ضد الإمامة وطغيانها، من أجل رقي بلدهم، رغم الظلم والطغيان والتجهيل، ومن هؤلاء أبو الأحرار، محمد محمود الزبيري. نتذكر هذا البطل، ونقول له عد أيها الحر لترى ما الذي حل بعدك؟ ولترى الشعب كيف يستجيب للموت؟ كيف ينساق وراء الظلم أو يسكت البعض عنه؟ عدْ لتقرأ علينا قصيدتك "مصرع الضمير"..مت في ضلوعك يا ضمير ،،، وادفن حياتك بالسعير..
 
هل تتذكر تلك التوجيهات والنصائح التي قدمت لك من قبل الشعب اليمني أثناء عودتك من مصر، أتتذكر يوم قيل لك لا تتحدث عن الإمام أو ظلمه ولا تحرض الشعب ضده، واسكت إذا أردت أن تعيش آمناً وتتقاضى مرتبك. ها هو المشهد ذاته يعود بنفس الأسلوب ونفس الزجر ونفس العقوبة، أو ربما العقوبة هنا أقوى لمن تحدث عنهم.
 
هو ذاته المشهد قد عاد أيها البطل.. غير أنك لم تعد موجودا لتعبر عنه بقصائدك، لتنبه الشعب وتوقظه من غفلته بشعرك المدوي.

الزمان قد عاد إلينا يحمل نفس المشاهد أيها الزبيري، فهلاّ حضرت لتضع بصمتك، وتذيقهم طعم الحرية وتريهم الطريق للوصول إليها، ولتلقي عليهم خطابك المدوي، علّهم يستجيبون لك ويعون الواقع تماما.
 
ها هم يستبدوا ويسفكوا الدماء بكل زاوية من الوطن، وهاهم يبثون السموم في جسده المثخن بالجراح، لم تعد موجودةً الحرية التي ذهبت شهيداً من أجل أن تعم الوطن والمواطن، ولم يعد الحق قائماً كما كنت تتمنى.
 
صدقت أيها الشهيد، فأنت وأمثالك من الأحرار من تبنون للشعب الشرف العالي فيهدمه، وتسحقون الصنم الطاغي فيبنيه ويعيد له الحياة، ليسيطر علينا وعلى رؤانا، ليستبدون بنا من جديد كما استبدت الإمامة الشعب من قبل.
 
ها هم  أصحاب الإمامة الجديدة، والطغيان الحديث، اليوم يبثون الخوف والقلق بين أبناء المجتمع، ويضربون هذا بذاك كي يتيحون لهم المجال ليحققوا أهدافهم الفاسدة والسيطرة على أموال الشعب وحياته ومستقبله، تحت مسميات وشعارات، ما أنزل الله بها من سلطان، وهتافات خارجة عن الواقع والمنطق.
 
 عد أيها الزبيري. لترثي الشعب من جديد، لتقل له:
قضيت عمرك ملدوغاً وها أنذا .. أرى بحضنك ثعباناً تربيه
فما صراخك في الأبواب يعطفه .. ولا سجودك في الأعتاب يرضيه

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر