دعونا نحترم دماء الضحايا وفزع أمهاتهم، ونفكّر بمنطق بعيد عن التشويش والحرب الإعلامية التي تستهدف الحقيقة وتعمل على تمييع القضايا الإنسانية وتسهم في صناعة متاهات وتبادل اتهامات الخاسر الوحيد فيها مرتين هم الضحايا وحدهم وأسرهم المفجوعة لا غير!!
 
لا يجوز اختطاف مواطن من أمام منزله، والحوثيون يرتكبون عشرات الآلاف من جرائم الخطف، في مخالفة بشعة وتعديا صارخا للحقوق والحريات، ولا يجوز وضع المختطف في سجن إلا بعد عرضه على النيابة والجهات القضائية، وعصابة الحوثي ترمي بالآدميين في سجون سرية وعلنية أشهر مديدة، وعام بعد عام بدون أي اكتراث، وهذه من أخطر الجرائم، وهذا ما حدث لمن تم نقلهم من سجن الأمن السياسي إلى السجن المركزي، وانتهى بهم الحال أهدافا مباشر للقتل في معسكر الشرطة العسكرية!
 
قبل خمسين يوما وبالتحديد ظهر الأحد 22 أكتوبر الماضي؛ أقدمت ميليشيا الحوثي على اقتحام السجن المركزي بصنعاء بوحشية مستخدمة الرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع والعصي الكهربائية، ثم أخذت ثمانون مختطفا بالقوة ونقلتهم بعد تكبيلهم وربط أعينهم إلى جهة مجهولة، اتضح فيما بعد أن الجهة تلك كانت "معسكر الشرطة العسكرية" بشعوب شرق العاصمة!
 
وصل المختطفون حينها، ووجدوا تعاملا سيئا للغاية، حيث تعرضوا للضرب المبرح، وتم توزيعهم على المباني التي لا تزال سليمة من القصف، في ثلاثة طوابق وبدروم، حسب شهادات الناجين من القصف الذي استهدفهم يوم أمس بصاروخ يعتقد أنه تابع لطيران التحالف العربي؟!
 
تواصلت مع بعض أسر من كانوا في مبنى معسكر الشرطة العسكرية وأكدوا أنهم لم يزوروا أبناءهم منذ خمسين يوما، لكن أحد المفرج عنهم قبل أيام من المبنى ذاته أكد لي أنهم حال وصولهم قبل نحو شهرين وجدوا المعسكر قد تعرض لغارات جوية كثيفة خلال العامين والنصف، ولم يتبق سوى مبنى واحد، وبعد أن أدخلهم الحوثيون قالوا لهم: لماذا تضعونا في معسكر هو هدف للطيران؟ فرد عليهم الحوثيين: لقد أخبرنا التحالف بأن المبنى فيه أسرى، وبلغنا الصليب الأحمر للقيام بذلك!!، وأضاف: بعدها بيومين جاء أشخاص قيل لنا أنهم من الصليب الأحمر، وأحضروا لنا فرش وبطانيات، وتعمدوا أن يبلغونا أنهم تواصلوا مع التحالف وأخبروهم أن المعسكر يضم مختطفين!! وهو ما زاد في قلقنا على حياتنا..
 
ويوم أمس حدثت الجريمة المروعة في حق المختطفين وهكذا تعاطت معه وسائل إعلام العصابة الإرهابية في صنعاء، حيث نقلت عبر موقع "المسيرة نت" عند الساعة الثالثة وتسعة وثلاثين دقيقة من عصر أمس خبرا عن ما تسمى "اللجنة الوطنية لشئون الأسرى" أكدت فيه "أن الصليب الأحمر ومنظمات دولية كانت على علم أن المبنى المستهدف كان مخصصا لاحتجاز الأسرى" ولم تذكر المبنى أو تشير إلى اسمه من قريب أو بعيد على الإطلاق دليل أنها تكذب وتعلم أنها متورطة مائة بالمائة لأن مبنى الشرطة العسكرية ليس مبنى للاحتجاز يا قتلة! إذ أنه مبنى عسكري وقد تعرض للقصف عشرات المرات، ثم إن اللجنة ذاتها اتهمت الصليب الأحمر الدولي بالمساهمة في الكذب والتحضير للجرائم، وهو ما يؤكد ما ذكره الشهود من المختطفين المحررين، ويجب أن يتم مساءلة الصليب الأحمر أو تقديم توضيح من قبلهم على صحة توزيع البطانيات لمختطفين تم وضعهم في مبنى يعتبر هدفا مباشراً للطيران، كما فعلوا في هران وغيرها من الجرائم الفظيعة.
 
الخبر السالف ذكره كان التحديث الثاني في موقع الحوثيين الرسمي، حيث كان قد سبقه خبر عند الساعة: 12:58 ظهر الأربعاء، وفيه التالي بالنص – ويمكنكم الدخول إلى موقع المسيرة نت- "لفت المراسل إلى أنه كان في السجن قرابة 180 سجينا جلهم تم أسرهم في جبهات القتال، وكانت ستجري عملية تبادل للأسرى خلال الأيام القليلة القادمة" وهو تأكيد على أنهم ليسوا سجناء جنائيين ولم يكونوا في مبنى البحث الجنائي، ولم يكونوا أيضا أسرى، بل مختطفين مثل الزميل يوسف عجلان الذي تم نقله من السجن المركزي ووضعوه مع البقية كهدف مباشر للطيران، أو درعا بشريا حسب توصيف البعض وسنأتي له.
 
أما الخطورة التي لا تدع مجالا للشك بأن من قتل المختطفين هم الحوثيون، فهاكم هذا الخبر الذي بثه موقع المسيرة نت عن الساعة السادسة وست وأربعون دقيقة، على لسان حسن زيد، أو ما وصفوه "باللقاء المشترك بصنعاء" وهي جريمة تزوير وكذب فوق جريمة التبرير والقتل، حيث جاء نصا: طالب اللقاء المشترك أهالي أسرى المرتزقة بالضغط على قيادة المرتزقة بسرعة إتمام صفقات تبادل الأسرى والحفاظ على حياة أبنائهم كون الخطر السعودي الأمريكي يتهددهم بغاراته العدوانية" وضعوا ألف خط تحت "الضغط على قيادتهم" وخطوط عريضة على "أن مصير أبناءهم سيكون هكذا في حال لم يستجيبوا لما وصفوه العدوان!!
 
وعند الثانية عشر إلا ربع منتصف ليل الخميس، نشر موقع العصابة الحوثية خبرا جاء في عنوانه بالنص: (المركز القانوني للحقوق والتنمية يدين جريمة العدوان بحق الأسرى ونزلاء سجن البحث الجنائي بصنعاء) وهي الرواية الكاذبة التي يكررونها عن طريق حقوقيون تابعون لهم، بأن من كانوا لديهم أسرى، يتناقض مع البيان السابق الذي قال أنهم سجناء جنائيين، ثم عاد البيان وتخبط وحاول يكذب في توصيفهم ومكان احتجازهم فقال"... الأسرى ونزلاء سجن البحث الجنائي بمبنى الشرطة العسكرية .."!! وهي أدلة تثبت أنهم تورطوا في هذه الجريمة وتخبطوا في ارتكاب جريمة التضليل والتلاعب بدماء الأبرياء الضحايا.
 
والخلاصة أن ما حدث حسب شهادة الشهود، أن الحوثيون أطلقوا عليهم الرصاص بعد تفرقهم ومحاولتهم الهرب بعد القصف، وأصابت بعضهم حتى منعتهم من الهرب، ثم قاموا بتقييدهم ونقلهم إلى السجن المركزي الذي كانوا فيه قبل شهرين، ولسان حالهم يقول أن هدف نقلهم قبل شهرين هدفه واحد فقط: وضع المختطفين أهدافا مباشرة للطيران!! وهي أبشع الجرائم التي ترتكب كل حين ضد أبناء شعبنا.
 
وختاماً: يجب التأكيد على أن الدماء البريئة الطاهرة ليست لعبة ولن نسمح بالتلاعب بأرواح ودماء الضحايا، وسنلاحق القتلة الحوثيين قضائيا وبكل السبل المشروعة طال الزمان أو قصر، وفي نفس الوقت لن نكون ملكيين أكثر من الملك، على التحالف أن يوقف هذا العبث فورا، وأن يتحمل مسؤوليته القانونية والإنسانية والأخلاقية، ويجب تشكيل لجنة تحقيق فربما أن القاتل حليف للحوثيين ويسعى لتقديم فرص إعلامية وميدانية لهم والتغطية على جرائمهم!
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر