أنا آسف يا عبد الخالق


محمد المقبلي

صباح الحرية يا عبد الخالق عمران، الان لحظة بداية كتابتي عنك عندي الساعة الواحدة والنصف بالتمام والكمال،  كمال أتاتورك وكمال حيدرة وكل الذين تعنيهم مسألة الهوية والجمهورية واكتمال قمر الحرية ونحن الذين كتبنا أول الثورة داخل القمر خارج الليل.
 
الليل والقيد وإرادة الحياة واستجابة القدر مفردات الشابي الخالدة التي ألهمت الثورات العربية وألهبتها في ذات الوقت تلك المعاني التي ندفع ثمنها معاناة ومكابدات لها علاقة بالحرية إضافة لمفردة "ارحل" المخففة والمثقلة إذا ما تعلق الأمر بكتابتها ونطقها.
 
أنا حزين لأجلك يا عبد الخالق ارثي ذكرياتنا وذاكرتنا الثنائية في شارع الدائري والبوفبة في جولة القادسية التي كنا نثني عليها لأسباب كثيرة من بينها عصير المانجو وأغنية أيوب طارش "يا من رحلت إلى بعيد".
 
أنا آسف يا صاحبي بعد مدة من اختطافك هذه الليلة تمكنت فيها من هزيمة مخاوفي الذهنية والنفسية من حضور صورتك الدائمة أمام عيني وتمكنت من تثبيتها في سطح مكتب "لابتوبي الخاص" بعد التردد الطويل خشية عذاب الذاكرة وأنت تعلم أني قلت لك ذات مساء في شارع الدائري عندما قلت لي ما أسوأ ما يمكن ان ينتجه الانقلاب.
 
حينها أشرت لك بأصابعي إلى زاوية الغرفة الصغيرة، وقلت خشيتي أن تضيق صنعاء بنا وتصبح هذه الجلسة ضمن الممنوعات السياسية والأمنية وخصوصاً اذا كان الانقلاب خلطة من الثورة المضادة لفبراير والثورة المضادة لسبتمبر وكنا نتابع بقلق كأس العالم والمواجهات المسلحة بين الجيش والمليشيا في محيط عمران ونتواصل هاتفياً مع ضابط في جبل ظين اسمه مالك خرصان توفاه الله شهيداً في تعز ضمن سلسلة الغدر بضباط الجيش الجمهوري.
 
أتذكر انك وضعت يدك في المسند ولمست الجدار وقلت أن الجدار بارد ونظرت باتجاه السقف وقلت لي هل تخون مليشيا الحوثي ثورة فبراير التي منحتها مساحة سياسية وقلت لك وأتوقع أن يطلقون النار نحو الصدور التي اعترفت بحريتهم السياسية في ساحات الثورة، وهذا ما حصل وأكثر؟
أنا أتأمل ملامحك في هذه الصورة وأتذكر تلك الليالي وحبك للإضاءة الخفيفة والقات وسكون الليل وتأملاتك الروحية وبعض أسئلتك التي لم أتمكن من الإجابة بشكل دقيق عن بعضها من بينها سؤالك المتكرر عن علاقة الروح بالحرية وهل الحرية شأن ذهني ونفسي ام شأن روحي.
 
لا ادري يا صاحبي ما هو وضعك هذه اللحظة تحديداً وهل تتمكن من وضع يدك فوق ركبتك كما كنت تفعل وأنت في شارع الدائري وتكرر عبارتك المشهورة" معركة الحرية ليست بسهولة خبز الطاوة" تخطر في بالي اللحظة تلك العبارة وبين يدي تقارير لمنظمات محلية ودولية عن تعذيب المختطفين ومن بينها تعامل السجان مع المختطف كما لو انه خبز طاوة يتم تقليبه بالصعق الكهربائي وهو المعادل التقني لسوط قريش مع فارق المكان بين بطحاء مكة وسجون صنعاء وتوابعها.
 
أتذكر إصغاءك المهذب وأنا اشرح لك ان تظاهرة أبناء وصابين وعتمة لكي يكونوا ضمن إقليم الجند أيام الحوار عمل ما قبل وطني له علاقة بالفرز المذهبي وأشرت لك أن إخراج ذمار من إقليم سبأ مسلك سياسي غير بريء اقل ما يمكن وصفه بالمسلك الانقسامي والانكشاف السياسي وكان من ضمن الذين حضروا لتلك الطبخة أطراف محلية وغير محلية ومن بينهم رجال حول المخلوع في الحوار الوطني في ظل اللاموقف من أحزاب المشترك التي كانت منشغلة بحسابات لا علاقة لها بالسياسة الوطنية ولعل البعض منهم كان مشغول أكثر مما ينبغي بمحاولة طمأنة الأطراف الإقليمية التي تدعم الثورات المضادة بغباء سياسي غير محدود وغير مدروس.
 
يا عبد الخالق عمران يا شجرة البن في وصاب.. وصاب التي حضرت في الثورة وفي التضحية وغابت في التسويات السياسية الفوقية وانا الذي عبرت عن حزني وأسفي لك كون مؤتمر الحوار الذي كنت عضو فيه لم يضم بين أعضاءه عضو واحد من وصاب وتأسفت اني لم استطع عمل شيء رغم الاحتجاج من قبل الشباب في الحوار والمطالبة بإضافة شاب من ريمة وشاب من ذمار وشاب من وصابين ولم نجد أذن صاغية من قبل أعداء الاستجابة.
 
الحرية لك يا عبد الخالق ولكل رفاقك والحرية لنا أيضا ولا عزاء لأصحاب مقاعد الفرجة.
 

*من صفحة الكاتب على فيسبوك

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر