أخيرا باب المندب بعيدا عن إيران


سلمان الدوسري

بعد نحو ثلاثة أسابيع من العمليات العسكرية في الساحل الغربي لمدينة تعز، تمكنت القوات المسلحة اليمنية بمساندة التحالف العربي، بقيادة السعودية، من تحرير ميناء المخا، آخر مفاتيح الانقلابيين المطلة على «باب المندب»، وهي خطوة استراتيجية مهمة ضمن العملية العسكرية التي أطلق عليها «الرمح الذهبي» الهادفة للسيطرة على الشريط الساحلي الغربي لليمن.

 

 

 فتحرير المخا وتطهير جيوب المدينة من مليشيات الحوثي وصالح، التي سيطرت على المدينة لمدة عامين، يعد ضربة قاصمة للانقلابيين، سواء من حيث تأمين الملاحة الدولية عبر باب المندب، أو إيقاف اعتماد المليشيات على هذا الساحل في تهريب الأسلحة الإيرانية القادمة لهم من القرن الأفريقي، وكذلك تقديم الدعم اللوجيستي مستقبلا لتحرير محافظتي تعز والحديدة من خلال تمكن التحالف من إنزال عتاد بحري.

 

 

لا يعد تحرير المخا مكسبا عسكريا فحسب، بل أيضا مكسبا سياسيا، فهو ينزع عن الانقلابيين ورقة تفاوضية كانوا يناورون بها أمام المجتمع الدولي تحت تهديد الملاحة الدولية، الذي بدا واضحا في استهداف الحوثيين للسفينة الإماراتية سويفت، وكذلك استهداف المدمرة الأمريكية مايسون، التي تعرضت إلى الهجوم بالصواريخ مرتين في غضون 4 أيام.

 

 

مضيق باب المندب يتحكم يوميا في عبور 3.8 مليون برميل من النفط، ما يساوي 6 في المئة من تجارة النفط العالمية، في حين يشكل النفط 16 في المئة فقط من إجمالي البضائع التي تمر من المضيق، وتبعد مدينة المخا عن مضيق باب المندب نحو 70 كيلومترا، وكان بمقدور الصواريخ التي يمتلكها الحوثيون استهداف أي من السفن المارة في الممر الدولي، وطوال المفاوضات السياسية التي أجراها الانقلابيون مع مبعوث الأمم المتحدة إسماعيل ولد الشيخ أحمد، قدم الحوثيون أنفسهم للمجتمع الدولي بأنهم يحمون ممر التجارة الدولية في باب المندب، في الوقت الذي كانوا يستخدمون هذا الميناء تحديدا لاستقبال الأسلحة الإيرانية.

 

بحسب تقرير حديث صادر من فريق الخبراء التابع لمجلس الأمن الخاص بلجنة العقوبات لمعيقي الانتقال السياسي السلمي في اليمن، وبعد أن بحث الفريق احتمالات توريد الأسلحة على نطاق واسع من إيران للحوثيين، فقد توصل إلى «مؤشرات على أن الصواريخ الموجهة المضادة للدبابات التي بحوزة الحوثيين هي صناعة إيرانية».

 

وفي رسالة وجهها رئيس اللجنة إلى مجلس الأمن، أكد فريق الخبراء أن تحالف الحوثي صالح انخرط في عمل استراتيجي لاستخدام حملة الصواريخ الأرضية ضد السعودية منذ 16 يونيو (حزيران) 2015، وأقر الفريق بأن أحد الطرق التي يتم بها تهريب الأسلحة من إيران إلى اليمن هي المراكب الشراعية الساحلية المتجهة للموانئ في الساحل الغربي «الواقعة تحت سيطرة الحوثي صالح».

 

في ظل الانسداد السياسي للأزمة في اليمن؛ بسبب تعنت الحوثيين وصالح، فإن التقدم العسكري للجيش اليمني وقوات التحالف العربي، هو الملجأ الوحيد والمتبقي لإجبارهم، إما للقبول بحل سياسي ينهي المأساة اليمنية ويسمح لهم بالمشاركة في الحكم كأحد الأطراف اليمنية، أو استمرار الضغط عسكريا بمزيد من تحرير الأراضي اليمنية.

 

الحوثيون يعلمون أنهم يخوضون معركة خاسرة، لكنهم يعولون على عامل الزمن لإطالة أمد الحرب بأي وسيلة كانت، هذه الحرب التي تخنقهم يوما بعد الآخر، خنقتهم عسكريا، ولن يكون أمامهم إلا الحل السياسي قبل أن تخنقهم سياسيا.

 

 

*الشرق الأوسط اللندنية

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر