الاهتمام المفاجئ بالرياضة


سلمان الحميدي

 لم تلق أي مباراة اهتمامًا كما لاقته المباراة الأخيرة.

من قبل المباراة بأيام وهم يسألون عن موعدها بدقة، إنه موعد لتلمس فرحة صغيرة يحتلق حولها اليمنيون من كل فئة ومن كل صنف بعد أن أنشبت الحرب الحزن في الأفئدة، وبعد أن مزقتنا القذائف وفرقتنا الصواريخ في كل صوب.

الاهتمام الزائد بالمباراة لا يعني أننا أصبحنا رياضيين من طراز مغتربي السبعينات إلى التسعينات الذين ذهبوا لمكابدة الشقاء ومغالبة ظروف الاكتداح، وحين عادوا، عادوا يحملون فنايل الأهلي والنصر، ويتحدثون بتعصب حول لاعبي تلك الحقبة من أحمد راضي إلى جاسم يعقوب.

نحن نبحث عما يعيد الاعتبار لشعورنا الوطني، ولو من خلال مباراة، والحق أن الانتصارات الأخيرة والدبل على السعودية، جعلت من الرياضة البوابة الأنسب لإعادة الاعتبار المتشرد.

أكثر المهتمين خلطوا بين الفئات العمرية، بين المنتخب الوطني الأول ومنتخب الناشئين، وكانوا قبيل المباراة يتحدثون في مجلس القرية، حول الجوائز المادية والأموال التي تلقاها اللاعبون وكيف صاروا أغنياء، وكيف أنهم يتنقلون من مسؤول إلى مسؤول لتكريمهم، من الاتحاد القطري إلى وزارة الرياضة التابعة الشرعية، إلى عمرة في مكة وتكريم الرئيس عبدربه منصور، إلى العودة لصنعاء وتكريم من وزير الرياضة في مليشيا الحوثي حسن زيد وإدراجهم في قوائم الموظفين بلا رواتب!

هم يتحدثون عن منتخب الناشئين، بينما المباراة للمنتخب الأول، وحين التنبه للخلط يستفسرون: طيب والدبل مع من؟

والدبل هو هدف محسن قراوي على المنتخب السعودي، والذي فاز بجائزة أفضل هدف في الجولة الثانية، لم نتوقع أن يقدم المنتخب ذلك الأداء الجيد، والذي انتهى بالتعادل مع السعودية، مع أن قصب السبق كان لليمنيين بالدبل المثير.

أداء منتخب الناشئين في قطر، والدبل على السعودية، جعلنا متحفزين لأي مناسبات قادمة، ليقدم لنا المواهب ما عجز عن تحقيقه الساسة والاقتصاديين، وأصحاب المنظمات وتجار الحروب، حتى هؤلاء صاروا يبحثون عن الوطن ــ الذي ضيعوه ــ في الانتصارات الرياضية.

في كل مناسبة مماثلة، الاهتمام المفاجئ بالمنتخبات عقب تقديم أداء جيد، أتذكر الشيخ الراحل محمد عبدالإله القاضي، رئيس الاتحاد الأسبق لكرة القدم، في عهده وصل منتخب الناشئين للمباراة النهائية لكأس آسيا وشارك في كأس العالم، يومها تقافز المسؤولون المهتمون من كل زقاق وأعلنوا دعمهم، وكرمهم علي صالح وأطلق عليهم منتخب الأمل، لم يذكر أحد محمد عبدالإله ويشيد به بحجم الإنجاز، وبعد غمرة الاهتمام المفاجئ، تعرضت منتخباتنا الوطنية لانتكاسات كبيرة، حينها كانت الأصابع تشير نحو الشيخ محمد عبدالإله وتحميله فشل المنتخبات، فما كان منه إلا أن قال فيما معناه: للفوز آباء، وللهزيمة أنا.

ما يحدث ليس وليد تطور فجائي، ولا تخطيط مدروس، ففي الفئات العمرية في اليمن هناك إبداع فطري، وفي فئة الكبار تصانيف تتحكم بها الأقدار، إذ لا دوري ولا بنية والاتحاد هو الاتحاد!.
يوم الخميس كنت أتلقى اتصالات من أصدقاء في القرية، يسألون عن التوقيت وعلى أي قناة.

كنت أخشى من صدمة انتكاسة تقلب حماستهم.

أحدهم، استعد للمباراة، بتخزينة من الصباح، واستطاع احتمال آثار الهزيمة في المساء.. هزمتنا أوزباكستان بخمسة.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر