خديعة البدايات


سلمان الحميدي

 باعتباري من أوائل الذين دخلوا الفيس بوك في القرية، جاء إليّ آخر الأسبوع، بعد العشاء وخلفه مرافق مسلح، كان يلوك القات بنهم، ويشرب الماء ويدخن، لا يدري ما يفعله، انفرد بي قليلًا، يبدو أن الأمر مهمًا للغاية، همس لي: فزك بنص مليون دولار.

ضحكت في نفسي، ولم أصدمه "وأكسع" فرحته، هذه هي خديعة البدايات، نحن السابقون في الفيس بوك كنا نتلقى رسائل من ملكات الجمال، يردن أرقام الحسابات البنكية ليحولن لنا بأموالهن، نحن مخازن اليتيمات اللواتي يتربعن على عرش الجمال الأفريقي.

كان قد وعد المرافق أن يشتري له بدل الدراجة سيارة، الموتور سنحرقه، علمني بالرسائل ويستفسرني: كيف؟ ذكرت له قصص النصابين والمحتالين، غير أنه كان متسلحًا بشيئين: طيبة اليمني وحسن ظنه بالآخرين، وإيمانه أن حظه طيبًا هذا الأسبوع، لتمكنه من تدبير القات وعلبة التبغ دون منغصات.

بحثنا عن الشبكة المحلية، وكان مصممًا أن يأخذني إلى تبة مرتفعة حيث يمكن للشبكة أن تلتقط الذبذبات بقوة، علاوة على بطء الانترنت قامت يمن نت الواقعة تحت سيطرة الحوثيين برفع التسعيرة على الشبكات المحلية وبدورهم قام أصحاب الشبكات بسرقة الميجاوات من الكرت، مشاكل لا يعيها المحظوظ وقد احتاط بكرت آخر..

تلف الشبكة، تدور دائرة البحث دون جدوى..
في فترة البحث، قلت له أن يوطن نفسه على الخديعة، غير أن مرافقه أكد: هذا الوليد بن طلال..
أما هو فقال وهو يحرك فكيه ويبلع القات بلذاذة: ما اشتجيش تحلف.. قالوا لي بالرسالة اقسم بالله العظيم.. 
المحتالون أيضًا يقسمون، المسؤولون يؤدون القسم الجمهوري عند التعيين، الحنث أسهل من القسم نفسه..

اليمين خديعة البدايات، في بدء تقلده للمنصب يقسم المسؤول وننخدع به، أشخاص مثل عيدروس وشلال وبحاح والقربي والمشاط والصوفي أقسموا على الحفاظ على النظام الجمهوري والوطن، ومازال الناس يقسمون في عدن، وفي صنعاء، وفي الرياض..

خديعة البدايات لم تعد تنطلي على المناصب السياسية يجب أن نتعلم!.

بدايات أخرى تصنع فخاخًا لليمني البسيط، من بينها بدايات التعرف على مواقع التواصل الاجتماعي.

الصفحة التي أرسلت لصاحبنا بنص مليون دولار، باسم الأميرة سحاب، جمهور من كل العالم يدعو الله في التعليقات لينالوا الجائزة.

صفحة عادية، وقد أرسل "محمد حمود" كلمة حلم عشر مرات، وفاز بالجائزة..

كان الانترنت بطيئًا، لم يفتح المزيد، أخبرته سأتأكد بعد الساعة العاشرة من الصفحة التي صورتها، غير أنه عاد بعد ساعة فقط، هذه المرة كان قد تكتف بالبندقية وخلفه أيضًا مرافقه الموعود بسيارة بدل الدراجة..

طلبوا منه تسجيل الاسم.. أقول له قد يكون الموقع لمرقصنين يستولون على الحساب، ومن ثم فكرت: لا معك حساب بالبنك ولا تكتب حاجة بالفيس بوك، حتى لو قرصنوه لن يستفيدوا شيء.. كُب لا شعوب..

مازال النت بطيئًا، أرسلوا له برقم حوالة، كود يدخله، وطلبوا الاسم..

كانت مجرد خديعة، أكدت له خديعة البدايات، عندما خرجت الجنابي الصينية للسوق، وفي بداية الانتشار تعرض شخص من القرية لخديعة ظلت تتأصل داخل الشنطة لسنوات، بينما كان في حضرموت عرض عليه أحد المحتالين الجنبية، لها رأس جميل ومقرن، صفرتها لامعة، أكد له المحتال أنه بحاجة إلى المال ويريد بيع الجنبية بسرعة، صاحبنا ظن أنه محظوظ وسيزقر المحتال، اشترى الجنبية بخمسين ألف على أنها جنبية صيفاني، لف الجنبية داخل رقعة وأدخلها في شنطة لتتأصل، بعد فترة كانت الجنابي الصينية على خصور الصبية والمجانين..

قال صاحب البلاد، ليس من تعرض لخديعة الجنبية، وإنما الذي سيفوز بنص مليون دولار، قال هامسًا: علمني كيف اعمل، وشادي لك مقسوم الله..

قال بأنه سيسهر للصباح.. كان يلوك القات ويبلع، وبعد وقت قصير اتصل يبحث عن علبة التبغ، ابصر السجارة ما نسينش عندك.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر