في ذكرى الانقلاب الحوثي


منذر فؤاد

 يدخل الانقلاب الحوثي عامه السادس، وقد أثخن كثيرا في إيلام اليمنيين، ومحاربة عقيدتهم وحريتهم وكرامتهم، مع قتامة ملحوظة تحيط بالمشهدين العسكري والسياسي، في ظل تعدد الأهداف والأطماع، وتعمّد إطالة أمد الحرب بما يحولها إلى حرب استنزاف لا حرب تحرير وتحرر.
 
بصمات الإمارات والسعودية كانت واضحة في الانقلاب الحوثي، الذي تزامن مع ثورة مضادة لاجتثاث الربيع العربي في أكثر من بلد، ولأن النظام الجديد في اليمن أفرزته المبادرة الخليجية، فلن يكون مستغربا أن تفتح صنعاء أبوابها للحوثيين، في خيانة رسمية تورط بها قيادات عسكرية وسياسية، بما فيهم الرئيس هادي نفسه!
 
آثار الانقلاب الحوثي بعد خمس سنوات، تضع أمامنا صورة مظلمة للخريطة اليمنية في كافة مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والعسكرية والتعليمية وغيرها، على أن هذه الصورة المظلمة يحظى فيها تحالف دعم الشرعية بنصيب وافر من الرسم والتلوين.
 
بخطى حثيثة، يحاول الحوثيون تثبيت أنفسهم في المشهد اليمني للدرجة التي يصعب معها اجتثاث مشروعهم الطائفي، والإبقاء عليه كأمر واقع لامناص من القبول به والتعايش معه، ومن ثم يصبح حقيقة مرّة تترسخ في الأذهان في حين أنها ليست إلا هزيمة تاريخية، يمكن التغلب عليها إذا توافرت العقيدة الخالصة، وصدق النوايا.
 
إن أخطر ما في الانقلاب الحوثي، الانقلاب الفكري الذي يقوم به الحوثيون لزرع مشروعهم الطائفي في أدمغة غضّة طرية، يسهل إقناعها بأن الحوثيين أحفاد الرسول الخاتم يقاتلون قوى الاستكبار العالمي دفاعا عن اليمن وعن بيت المقدس، ويسهل إقناعهم بأن ملازم حسين الحوثي تفوق في أهميتها ودراستها القرآن الكريم والسنة النبوية، ويسهل إقناعهم بأن قتال اليمنيين الرافضين للحوثي جهاد واجب يسير بصاحبه إلى نصر مبين أو جنة نعيم.
 
يسيطر الحوثيون اليوم على جزء لا يستهان به من الجغرافيا، هذا الجزء مهما كان صغير المساحة كما يجري تسويقه إعلاميا في إطار الحرب النفسية، إلا إنه يحوي بين جنباته أزيد من ثلثي سكان اليمن، وهنا تكمن خطورة الحرب الفكرية التي يشنها الحوثيون منذ خمس سنوات بكل ما أوتوا من قوة البطش والإمكانيات المادية التي تحصلوا عليها من انقلابهم على مؤسسات الدولة.
 
وضع السلطة الشرعية الذكرى الخامسة للانقلاب هو الأسوأ، فأضحت بين انقلابين بعد أن كان انقلاب واحد، وخسرت مساحة واسعة من النفوذ السياسي والعسكري بعد أن تحولت المناطق المحررة إلى مناطق واقعة تحت الاحتلال الاماراتي وأخرى تحت النفوذ والوصاية السعودية.
 
قبل خمس سنوات كانت أعين اليمنيين تتطلع نحو صنعاء أملا في التحرير والخلاص، أما اليوم فتشخص الأعين نحو عدن أملا في التحرر والخلاص، وتلك خلاصة مريرة نستقبل بها العام السادس من الانقلاب الحوثي، وكلنا تفاؤل بألا تشخص أبصارنا نحو مدينة جديدة في قادم الأيام.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر