ما أكثر الأزمات وأقل المواقف


فكرية شحرة

 كان لها الحق أن تتفاخر عليّ في أكثر من مناسبة بشعبها العظيم ..
 
آخر ما قالت لي أنهم حتى في مباراة كرة القدم يصبحون كلهم قدم لاعب الهجوم. وتختم بقولها: "نحن رضعنا حب بلدنا مع حليب الأمهات، وننسى كل خلافاتنا من أجل الوطن"
 
فهل ما ينقصنا فعلا هو ثقافة حب الوطن؟!
 
في الآونة الأخيرة، وفي أشد منعطفات حرب اليمن خطورة، لم نتفق حتى حول تحديد من هو العدو؟
 
ليس لأن حليف الأمس عدو اليوم، وحليف اليوم بات عدوا!! بل لأن البعض لا يريد أن تكون مصلحة الوطن هي معيار موقفه ومحركه..
 
بل أن هناك من بلغ به الجحود للوطن والهوس بنفسه، أن يصور أزماته الشخصية والنفسية عداء للوطن بأكمله!!
 
لا يهم تبدل أجندات الغير نحو اليمن؛ فكل دولة تتبع مصالحها الكبرى. ما يحزن هو عدم توحد كلمة اليمنيين؛ فهم فقط من يتبعون أهوائهم ومصالحهم الشخصية الصغرى، ويتدرعون بأحقاد تافهة ستغرق السفينة بالجميع!!
 
بعد أن صهرتنا المواقف والأزمات، تصفى لنا من كل طابور مسؤولي الدولة شخوص تعد على الأصابع، كبصمة واضحة في سجلات تاريخ لا بد أن يوثق للمرحلة كلها.
 
كشعب؛ كنا نؤمل كثيرا على أن يكون للكثير موقفا يرفع من أسهم وطنيتهم المزعومة بالكلمات فقط؛ فالأزمات هي من تحدد التوجه مع الوطن أم مع مشاريعهم الصغيرة.
 
تسجيل موقف مشرف، ولو بشق كلمة، لم يعد يتأتى في زمن يتحكم فيه المال والأحقاد ..
 
المثير للعجب، أن بروز البعض بموقف ننتظره أثار حفيظة آخرين!! ووجد من ينتقد موقفهم المشرف بأنهم يرغبون بالظهور كوطنيين، بعد أن غرقوا في وحول الحرب حتى الركب!!
 
ربما من تجاربنا السابقة المحبطة، بوجود من يتلاعب بعقول المتلقين، وترديد كلمات أكبر من حجمه الحقيقي، ليظهر منصفا بقول كلمة حق في وقت تكاثر الزيف والادعاء..
 
هؤلاء الذين يصرفون الكلمات الرنانة فقط، يجدون من ينفخ فيهم كثيرا، حتى ينفجر كذبهم وادعائهم وقت الأفعال والمواقف المشرفة. 
 
شيء آخر يثير العجب، في الإصلاحيين بالذات، وهو إيمانهم بمبدأ التطبيل لمن أحسن بالقول حد محو جميع سيئاته وتصويره بالبطل العائد من ظلام العبودية؛ ثم الخسف بمن يسيء حد محو كل حسناته!!
 
فما أن يحسن أحد الخلق، في منشور أو كلمة، حتى يطيروا به الآفاق مديحا وتعزيزا. حتى لو كانت كلماته هذه منزوعة كواجب عليه، وليس فضلا من أخلاقه المعروفة!!
 
هذه الحالة العجيبة، تجعله ينقلب كالثعبان الملدوغ؛ سمومه تطير في كل أتجاه!!
 
بتصرفكم هذا، يصبح من أحسن فلنفسه ومن أساء فعليكم. تعلمون الناس الوطنية، فلما أشتد موقفهم رموكم في وطنيتكم ..!!
 
لذا نقول: ليس واجب عليكم قول أحسنت لمن أحسن، ولا أسأت لمن أساء.. أنتم لستم وكلاء على عقول أحد..
 
زمن المؤلفة قلوبهم أنتهى.. نحن الآن في زمن المؤلفة جيوبهم ..
 
كما أن الكلمات لم تعد تنطلي علينا، صارت الأحداث تحتاج إلى موقف واصطفاف، وهذا لا يتأتى ألا للمخلصين من الشجعان الأوفياء للوطن فقط.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر