الحقيقة الضحية


سلمان الحميدي

 أخبار السيطرة التي تصل منذ البارحة تجعل اليمني يتخيل أن مساحة عدن أكبر من الجزيرة العربية.

الضخ الكبير لإشاعات وأنباء متضاربة، يأتي في إطار الحرب النفسية، دعم معنويات في طرف وزعزعة معنويات في طرف آخر، وكأننا نعيش في نزهة وأريحية بالغتين لندخل في حرب النفسيات، وكأن الاقتتال اليومي لم يكف، لنجد أنفسنا "موتحين" في انتظار الجديد حول جولة كالتكس ومن سيطر عليها.

ظهرت عدن في قبضة هاني بن بريك وقواته المدعومة بالسلاح المتطور، ومن تغريدات الرجل وبياناته تشعر وأنهم على وشك إعلان دولة، ليس في الجنوب فقط بل دولة تمتد من بحر العرب وتحدها الأحواز من الغرب.

تتشاكل نفسيات اليمنيين في الشمال والجنوب بخصوص التعامل مع المعلومات في الحرب، ولعل أحداث صنعاء التي شهدت تحارب الحليفين السابقين الحوثي وصالح، كانت سببًا كبيرًا لاكتشاف لعبة الحرب النفسية، فحين كان أنصار صالح يؤكدون إسقاط مواقع الحوثيين، كانت مليشيا الحوثي تقترب من حوش صالح، ومع توسع سيطرة صالح في الإعلام ـ أحدهم واسمه المدي أكد على قناة الجزيرة أن ست محافظات سقطت في قبضة مؤتمر صالح ـ مع هذا التوسع الإعلامي النفسي كان الحوثيون يحصرون صالح في الزاوية، لتنتهي كل تلك البلبلة بخاتمة تضاربت تفاصيلها حتى الآن، المؤكد أنها أنهت من ظنه اليمنيون مسيطرًا حسب المعلومات التي ضخها المؤتمريين.

مليشيا الحوثي، على بدائيتها، تعاملت مع الأمر بتأن، خاصة وأنها تثق أن اليمنيين لا يثقون بأخبار الإعلام الحربي، وبعد أيام من سلسلة الأخبار العاجلة، وجهت الضربة لإعلام صالح بإعلان مقتله.

الخلاصة أن الحقيقة كانت ضحية لأكبر حرب نفسية، ستشكل وعي اليمني ليتفحص المصادر، أو على الأقل، التظاهر بأن الأخبار لم تعد تهمه.

لا يعني ذلك أن الحوثيين امتلكوا المصداقية، لأن تكوينات المليشيا لا تهتم بمثل هذه تفاصيل، المليشيا تهتم أصلًا في الأفراد التابعين لها: وضع جزرة برأس العصا، لحض النفسيات الكسولة للركض ناحية الموت، لذلك تذهب للتعميم وسط أفرادها بعدم مشاهدة قنوات التلفزة باستثناء المسيرة، ولهذا؛ في معركة صنعاء بين الحليفين، لم نشاهد قيادات الصف المليشاوي الأول ينزلون وينشرون صورهم ليؤكدوا أن سيطرة أنصار صالح على المحافظات الست مجرد شائعات، رغم تهكمهم على القنوات التي يظهرون فيها من الخبر، هم فقط مهتمين بالجانب التعبوي لمعنويات من يشاهدهم على قناة المسيرة.

كانت الهزيمة النفسية التي سيتعرض لها الحوثيون، إذا قام إعلاميو صالح بالنزول إلى الأرض وبث المقاطع والصور من الأماكن التي قالوا أنهم سيطروا عليها، وبذلك يمكن لهم الاستفادة من مواقع التواصل الاجتماعي.

في أحداث عدن، يستفيد الجنوبيون الذين يقفون في صف الشرعية من مواقع التواصل، لدحض شائعات قيادات المجلس الانتقالي بقيادة الموتور هاني بن بريك، الهفوات التي يسقط فيها اعلاميو المجلس الانتقالي وهم يظنون تأديتهم للحرب النفسية التأدية المثلى، هفوات بدائية، على الأقل التي ظهرت حتى الآن.

قالوا أنهم في المعاشيق، وقالوا أنهم بالقرب من منزل وزير الداخلية أحمد الميسري، قالوا أن الميسري استسلم، وقال بن بريك أن النصر قادم ومن كذباته أنه قال "هم المعتدون" والكل يعرف أنه هو من دعا إلى النفير.

لا يوجد شمالي يواجهه، أبطال الجنوب هم من يواجهون العته الممول في أقدم مدن الجزيرة العربية، المدينة التي وقف على شاطئها رامبو ليؤكد على شاعريتها التي من المستحيل أن تضيق على إنسان أو تقبل بأباطيل الموتورين.

يقول الناطق الرسمي والعاملون في المجلس الانتقالي أن الميسري صار بحوزتهم، وفجأة يظهر الرجل في آخر الليل ببث مباشر على تويتر وفيسبوك يدحض ما يقولون.. يصرون على أقاويلهم، فيظهر في فيديو وهو يتمشى في مناطق كان يسيطر عليها بن بريك.

حررت عدن بعيد، وبرر زعيم مليشيا الحوثي وقتها، أن الشرعية استغلت إجازات مقاتليه..

هل ستحرر عدن ثانية من أصحاب المشاريع الضيقة بهذا العيد؟

وهل تتحرر الحقيقة ممن يقتلها بحجج الحرب النفسية؟

سنرى..
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر