اليمن..


فكرية شحرة

 لم يعد خافيا على أحد أن الحرب الأهلية في اليمن أخرجت للعلن أطماع شتى، للنيل من تلك الخيرات الدفينة لهذا البلد الذي عجزت قياداته عن النهوض به، ثم عن تحريره من سطوة الحوثية.
 
تبرز في الواجهة جزر أرخبيل سقطرى، لما لها من جمال ومزايا هائلة وكنوز دفينة، لم تستغل بعد.
 
أجمل جزر العالم، ومن أكثرها تنوعا في الجانب الحيوي والبيولوجي. أشجارها وسواحلها وطيورها، وحتى حجارتها ورمالها، هي الأجمل والأندر في العالم.
 
وكأن اليمن الذبيح سقط، فكثرت السكاكين التي تطمع في الاقتطاع من جسده.
 
اكتشف الإماراتيون هذا المنجم الخفي الذي وقع في أيديهم، على غفلة من اليمنيين، في حملات الإغاثة. ومع نشوب الحرب، وتدخل قوات التحالف العربي، حطت الإمارات كامل وجودها في هذه الجزيرة الساحرة، ومدت أيديها إلى الجنوب بأكمله، كعامل انقاذ بعد ويلات الاجتياح الحوثي..!!
 
إلا أن الاهتمام الإماراتي- في عيون المراقبين للوضع- تعدى مهمة الإنقاذ !! فسُقطرى، التي تحتاج لإعادة إعمار، كما يؤكد الإماراتيون على حسن نواياهم، تركز إعمارهم حول الميناء والمطار، الذي تمت السيطرة عليه ليعمل خارج رقابة الحكومة اليمنية..!!
 
في حين أن العمل الخيري اكتفى بالنزر اليسير، حتى صار مثار تندر الوسط اليمني على الكرم الإماراتي..!!
 
في الواقع؛ كان العمل الخيري بوابة الدخول إلى أهالي الجزيرة. ومن هذا الباب، قام أحد رجالات الإمارات بشراء أراضٍ وعقارات هائلة. والذي لم يكتفِ بشراء الأراضي الساحلية والعقارات، بل اشترى معها ذمم الناس، ليلتفوا حول الإمارات، كمنقذ من الوضع السيء في محافظة سقطرى، ومحاولة الانقلاب على الحكومة الشرعية..!!
 
ولتحقيق أهدافها الخفية، والتي لم تعد كذلك بعد، استخدمت الإمارات كل وسائل الإغراء والاستقطاب، بما في ذلك تجنيس أبناء سقطرى، وتسهيل سفرهم إلى الإمارات، تاركين ورائهم بلدهم، التي هي من أجمل جزر العالم. 
 
في المقابل؛ استولت الإمارات على كنوز الجزيرة؛ من أشجار وطيور وحتى أحجار، نادرة، وقامت بتهريبها من خلال الميناء، الذي أصبح خاصتها وتحت سيطرتها، دون اعتبار للحكومة اليمنية..!!
 
ظل ذلك يحدث طوال الفترة الماضية- منذ بسط رجال أبوظبي على الجزيرة واستفرادهم بها- دون أي ضجة أو اعتراض، وكأن ما يحدث هو أمر طبيعي. تقارير صحفية كثيرة تداولتها وسائل إعلام دولية ومحلية حول ما كان يحدث من نهب واسع لثروات الجزيرة الحيوية، إلا أنها لم تكن لتثير انتباه حكومتنا، أو لنقل بصراحة أن الحكومة الشرعية كانت مكبلة من شدة الحياء..!!
 
إلى أن نشبت الأزمة الشهيرة بين الحكومة الشرعية والإمارات، عقب قيام الأخيرة بإنزال لقوات عسكرية مع عدد من مدرعاتها إلى الجزيرة، أثناء تواجد رئيس الحكومة في الجزيرة، أواخر أبريل 2018. حينها فقط، ظهر للعلن النية المبيتة للاستيلاء على أرخبيل سقطرى، كقطعة أرض لا مالك لها..!!
 
أصبح التراشق الإعلامي في العلن، وظهرت أول تصريحات حكومية تهاجم الإمارات وتدخلاتها السافرة في الجزيرة، أطلقها رئيس الحكومة حينها، الدكتور أحمد عبيد بن دغر، حتى تدخلت السعودية لردم الخلاف..
 
أظهرت تلك الأزمة تناقض التصريحات الإماراتية، التي بدورها أثارت حنق واستغراب الشارع اليمني..
فمن: تصريحات المساندة في الحرب ضد الحوثيين ووقوف الأشقاء بقرب اليمن الجريح. كما جاء على لسان أنور قرقاش، وزير الدولة الإماراتي للشئون الخارجية، الذي قال بداية الحرب إن الإمارات ستعمل مع أشقائها، وضمن التحالف العربي، بقيادة المملكة العربية السعودية الشقيقة في استعادة الدولة، مضيفا: "وكما استلمنا اليمن جريحا، سيسلمه التحالف لشعبه متعافيا قويا، يقرر مواطنيه شكل دولته ومستقبله"..
 
إلى: تلك التصريحات الأخرى، الأشد فجاجة وغرابة، التي ظهرت إبان أزمة الجزيرة، لتصور سقطرى كجزيرة إماراتية تائهة في عرض البحر، التقطها اليمنيون، وليست محافظة يمنية ضمن التقسيم الإداري اليمني، ليسخر أكاديمي مقرب من السلطة من صحوة اليمنيين المتأخرة بشأن الجزيرة !! ويقول قائلهم بكل فجاجة: "إن جزيرة سقطرى ستكون جزءاً من دولة الإمارات العربية المتحدة، وأن الجنسية ستمنح لكل سكانها كحقهم كمواطنين إماراتيين" !!..
 
هذا الاستهتار في التصريحات والنوايا، أثار اليمنيين ضد الإمارات الشقيقة. حتى ظهر من يقول إن الوقوف مع الحوثية ضد أي احتلال إماراتي لقطعة أرض يمنية، هو أهون الطرق لفرض السيادة اليمنية..!!
 
وهذا السبيل، للأسف، يبدو كالمستجير بالرمضاء من النار!! خصوصا وأن الشرعية قد فشلت في بسط نفوذها وسيادتها على المناطق المحررة، أكثر من تلك التي ما زالت تحت سطوة الحوثيين.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر