رمضان والحرب


فكرية شحرة

 في أحياء مدينة كالقاهرة، امتلأت الشوارع الشعبية بأوراق الزينة والفوانيس الملونة وأغاني الفرح باستقبال رمضان.. وهم يتبادلون التحية، يلحقونها بعبارة "كل سنة وأنت طيب".
 
شعور عام بالبهجة لقرب هذا الضيف السنوي ببركته وروحانيته. كل هذا جعل طفلتي تقول ببراءة: "هنا يحبون رمضان أكثر منا".
 
في اليمن، فقدَ كل شيء جماله ومتعته وفرحة وجوده..!! رمضان أصبح ثقل جديد، فوق أكوام الأثقال الهائلة على كاهل اليمني. صار، في نظر الكثير، وقت لمزيد من الجوع.. وفي أحسن الأحوال سيكون في نظر آخرين موسم للابتهال إلى الله؛ أن يرفع عنا هذا البلاء من طغاة الداخل والخارج.
 
استقبالنا لرمضان مختلف.. نعم !! فمن غبار المعارك والخيانات والمؤامرات، إلى حملات مؤلمة على مواقع التواصل، نتساءل فيها عن أموال المنظمات والمساعدات التي توهب من الدول المانحة باسم فقرنا وجوعنا وحربنا..!! ثم تتكدس في جيوب القائمين عليها فقط !!
 
نتساءل عن أموال المساعدات، بعد أن أعيانا اليأس عن أخذ أموالنا المستحقة من مرتبات..!!
 
نتنقل بين حملات: أين الدولة؟؛ إلى: أين الفلوس؟؛ إلى: أين المختطفين؟؛ إلى: كيف ننجو من الكوليرا؟؛ إلى عشرات من التساؤلات المضنية والموجعة !!
 
فكيف سيأتي علينا وقت نعلق أوراق الزينة والفوانيس، ونفرح بقدوم شهر يضاعف حزننا بفقد الكثير !!
 
رمضان موسم للحزن، بالنسبة لغالبية اليمنيين؛ ففيه تتأجج أوجاع الفقد لمن غابوا عن موائد الشهر الفضيل.. خاصة أولئك المعتقلين الذين لا يُعرف عنهم شيء، ولا كيف تمر عليهم الأيام ؟!
 
الوضع المعيشي، بلغ أقصى حد في السوء والضنك من غلاء وفقر ومجاعة..!!
 
من حسن حظ هذا الشعب؛ أنه يكفل نفسه بنفسه في غياب الدولة الحقيقية.
 
فعلى عاتق المغتربين، يعتاش نصف الشعب اليمني؛ رغم معاناة المغترب ذاته بسبب تداعيات الحرب.
 
في هذا الوضع المعيشي المأساوي، أصبحت أعظم القربات إلى ألله، هي: التقرب إلى فقرائه ومواساتهم وتلمس حاجاتهم، وخصوصا المتعفف منهم، وما أكثرهم.
 
القادرون هم الذين يقع على عاتقهم مساندة الآخرين.. فهذا الشعب كالطفل اليتيم الذي قتل الانقلاب أبيه، واغتصب أمه، واستولى على مالها وماله، ورماها شرعية، بلا شرعية، طريدة، مهجرة في دول الجوار، تتسول ما يستر عوارها، وقد تركت بنيها خلفها بلا معيل ولا كفيل..!!
 
حتى المساعدات، التي تجنى باسمه، يتقاسمها اللصوص، ليترك هو للفقر والمرض والمجاعة !!..
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر