مبدئيا دعونا نتفق على حقيقة أن تعيين حافظ معياد كمحافظ للبنك المركزي لن يكون هو العصا السحرية لتحسين أو معالجة وضع الاقتصاد اليمني. بحكم المشكلة أكبر من أن تحل بمجرد تغيير مسؤول مكان آخر. الأمر يتعلق بظروف الحرب وما تتخذه القوى المسيطرة على المشهد وتتحكم بالأمور في أرض الميدان في اليمن.
 
 فاليمن بدون موارد ومحروم بشكل متعمد من المصدر الرئيسي للإيرادات والمتمثل في النفط والغاز. ويعاني منذ أكثر من أربع سنوات من مشاكل اقتصادية حقيقية وتدهور كبير في قيمة الريال اليمني بسبب النهب المنظم لموارد الدولة واستغلال الوضع من قبل تجار الحروب والمستفيدين من الفاسدين المتمركزين في مفاصل الحكومة اليمنية.
 
ربما يكون المستفيد الوحيد من تعيين حافظ معياد محافظا للبنك المركزي اليمني هو حافظ معياد نفسه، وهذه ليست إلا فرصه له ولمن أحضره لهذا المنصب للحصول على مزيد من المنافع والتربح من هذه الوظيفة والسير على منهاج من سبقه لذلك.
 
فلا يوجد أي توقعات أو مؤشرات أن يكون هناك اي تحسن أو تطور في أداء البنك المركزي. خصوصاً أن لدى حافظ معياد تاريخ طويل من الفساد واللصوصية وغسيل الأموال سواء أثناء فترة حكم عفاش أو ما بعد ذلك لتهريب وغسيل ما قام عفاش بنهبه من أموال الشعب طوال ثلاثين عاماً. محاولة تصوير تجربة حافظ معياد في كاك بنك كتجربة ناجحة ليس أكثر من ضحك على الذقون.
 
فهذا النجاح المزعوم لم يتمثل إلا في تحويل بنك متخصص في دعم القطاع الزراعي وجعله مجرد صراف كبير يقوم بخدمات التحويلات المالية وتسديد الفواتير بالإضافة إلى إلزام موظفيه بارتداء ربطات العنق. فلا نجد لبنك التسليف التعاوني الزراعي الذي تم مسخه إلى كاك بنك أي أصول ذات قيمة مهمة، أو مشاريع استثمارية استراتيجية ذات أثر ملموس على الاقتصاد الوطني مثل البنوك المشابهة في بقية دول العالم.
 
 وعمليا هذا النجاح لم يكن موجودا إلا في البروباغاندا الإعلامية التي خصصت لتغطية الدور المشبوه الذي كان يقوم به كاك بنك ضمن منظومة حكم عفاش.
 
أقل القليل ما يمكن أن يقدمه معياد كمحافظ للبنك هو تسهيل إجراءات الاعتمادات المستندية وتوفيرها لجميع المستوردين من التجار وليس احتكار هذه الميزة لفئة معينة تربطها مصالح مع معياد وزمام من قبله ومن أحضرهم إلى هذه الكراسي. بالإضافة إلى محاولة الاستفادة القصوى من القروض التي وصلت اليمن على شكل الوديعة السعودية وما سيلحقها من ودائع من دول أخرى.
 
والأهم في رأيي أن يحاول معياد إثبات نظريته ويحيل ملف محمد زمام للتحقيق في المخالفات التي إدعى معياد نفسه حدوثها. مع قناعتي الشخصية أن ما ادعاه معياد لم يكن أكثر من مجرد عذر ليأخذ مكان الرجل ويبدأ في أخذ دوره في حلب البقرة.
 
ختاماً، أود التنويه هنا أن المنظومة المالية والمصرفية لليمن لا تتمثل في البنك المركزي فقط بل تتضمن وتبدأ اساسا فيما يسمى وزارة المالية. هذه الوزارة التي لا يعرف 85-90% من الناس من هو وزيرها ومتى كان آخر ظهور له أو مشاركة في المشهد.
 
لأن البنك المركزي كليا ليس إلا أحد أدوات ومؤسسات وزارة المالية التي من المفترض أن تضطلع بدورها وتقوم بعملها في إدارة أموال الدولة وعدم الوقوف موقف المتفرج وترك العملية برمتها في أيدي أشخاص بعينهم يتحكمون بالبنك خارج الإطار المؤسسي لهذه الوزارة الغاية في الأهمية والحساسية.
 

*من صفحة الكاتب على فيسبوك

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر