تبادل التهم.. مزيدا من الضغائن


فكرية شحرة

 لا ندري هل هذا الأمر خاص بنا نحن اليمنيون ؟!
 
مثّلَ تداعي الأحداث للأسوأ، مزيدا من التشظي. وبدلاً من أن تجمعنا لهدف واحد، باتت تزيدنا ابتعادا عن هذا الهدف !!
 
"عودة الجمهورية" شعار يرفعه كل طرف؛ لكن الحاصل تمكين للإمامة بمزيد من النكوص..!! ضاع هذا الهدف الجامع، وتفرق دمه بين الأطماع والمصالح والخذلان.
 
قلة هم المخلصون في حبهم لهذا الوطن، وهم من يدفعون الثمن، دمائهم وحزنهم وضياعهم. أما البعض فيبدو كدجاج المزابل "ينبش لفوق ظهره"، كما كانت تقول أمي رحمها الله.
 
يرهق ظهره هذا، باستنهاض عبارات منتفخة، كالبالونات الضخمة، لا تلبث أن تنفجر في وجهه سخرية من نمطه التحريضي المستهلك في الخطاب.
 
يُحَمّلنا ما لا طاقة لنا به، من سماع لغته المثيرة للعداوات والفتن، وعصبيات يحاول كل الوطنيين الشرفاء جاهدين تجاهلها من أجل مصلحة البلد.
 
هذا الصنف، لا يسند ظهره إلى الوطن، ولا يبالي أين تذهب به الحرب والشقاق؟! كل حرصه أن ينتصر لنفسه وأحقاده من أفراد ليسوا هُم الوطن ولا الوطن هُمّ.
 
وبدلا من توحيد النقد والضغط على الشرعية، يصر هذا الصنف أن يرد اللوم في فشل الشرعية على جهات معينة!! لعل هذه الجهة هي حزب الإصلاح؛ الشماعة المعتادة للتقرب من الانظمة المستبدة.
 
بعض الإصلاحيين، أيضا، يجارون هذا البعض، ليُصَرِّحوا أن الشرعية، بكل خذلانها لنا، هي بقايا مؤتمر عفاش وفاسديه.
 
رغم أنهم في الإصلاح، دائما، يحافظون على شعرة معاوية مع كل أطراف الشرعية، وهذه الشعرة تتحول إلى حبل غليظ من الخديعة يلتف حول عنق حزب الإصلاح.
 
وهكذا، في كل حدث نترك الأهم، لنتبادل التهم: القائد الاصلاحي صنع، والشيخ المؤتمري ارتكب، والرفيق الاشتراكي سلَّم...، ومن هنا، بدأت كراهية الاحزاب وشيطنتها المجحفة.  
 
إنما، لو سلمنا أنها خيانات فردية معتادة من ضعاف النفوس، وأدركنا أن الحرب جعلت الكثير يرفع شعار "نفسي نفسي"، بدلا من تحميل كل طرف ما لم يحتمل، لوفرنا على أنفسنا مزيدا من الضغائن.
 
فإثر كل فشل، تتقاذف التهم، فتصيبنا بالوهن، وتقوي خصمنا المشترك. هذا هو الشتات الذي مكّن الحوثية، وأبعدنا عن الهدف الجمعي.
 
الاسترزاق من الأنظمة، ونيل الرضا، لا يأتي فقط من الكذب والافتراء على شركاء المرحلة؛ بل من خيانة الهدف وتشتيت الصف ..
 
المحزن، أن كتلة إعلامية، كقناة "اليمن اليوم"، تنحدر لتنسب سبب كل فشل وخذلان من قبل الشرعية إلى الإخوان؟!
 
خطاب يصيبك بالدهشة، ليس من كمية الزيف والكذب وتشتيت الهدف فحسب؛ بل ومن الاستهانة بمصير البلد على حساب تصفية حسابات أشخاص !!
 
فالذي في الشرعية هو الإصلاح، الحزب الوطني الذي تربض قيادته تحت قيادة التحالف، مثلها مثل قيادة البلاد ورئيسها. أما قاعدته العريضة فهي تعطي من دمائها وأمنها من أجل الوطن بإخلاص وتفاني يشهد به الخصوم قبل الأصدقاء.
 
وكأن وقوفه ضد انتفاشة الحوثي، منذ البداية، نقطة عليه وليست له ؟!
 
تحترم ذلك المنافس الحزبي المنصف الذي يقف في خندق المعركة معك، ولا يطعنك في ظهرك وأنت تواجه عدوك وعدوه؛ وكأن شطر السفينة ينجو به وحده.
 
مؤسف أن يتدنى خطاب البعض إلى هذا المستوى؛ ومؤسف أن وضع البلاد لا يعنيهم، بذلك القدر، كي يترفعوا عن التدليس والكذب والتحريض.. فنحن في حالة حرب !!
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر