حجور بين العدوان والخذلان


منذر فؤاد

لا يوجد في تاريخ قبائل حجور، ما يشير إلى أنها تستسيغ الإذلال أو تقبل التبعية لأقزام منحهم الوقت طولا مزيّفا، ولهذا ليس غريبا أن يخوض أبناؤها حربا مصيرية مع الحوثيين، رغم إدراكهم خطورة هذه الخطوة وما يمكن أن تجلبه من مآسي وجراح غائرة، ولكنها لن تكون أخطر من الرضوخ والارتهان لسلطة العصابة.
 
لحجور تاريخ مشرف في مقارعة الحوثيين والتصدي لعدوانهم، منذ سنوات، وهذا ما جعل العصابة الحوثية تتجنب اقتحام المناطق التي تتواجد فيها قبائل حجور منذ انقلابها على الدولة ومؤسساتها، لعدم وجود حاضنة شعبية لمشروعها السلالي الطائفي، ولإن فتح هذه الجبهة سيكلفها ثمنا باهضا، لكن اليوم وفي ظل التطورات العسكرية في حجة ورفض أبناء حجور التعاون معها، بادرت العصابة إلى إعلان الحرب بعد فشلها في السيطرة على مناطق حجور سلميا من خلال لجان الوساطة، وهي طريقة حوثية تقليدية استخدمت في إسقاط عشرات المدن والمناطق، لكنها لم تنجح في وأد الانتفاضة القبلية لحجور.
 
أهمية هذه الانتفاضة ضد الحوثيين، تكتسب أهمية كبيرة في كونها كسرت حاجز الرهبة والخوف الذي فرضه الحوثيون في مناطق قبلية بعضها لديها قابلية للانفجار في وجوههم في أي لحظة، وما نشهده في مناطق حجور قد يكون الحلقة الأولى ضمن مسلسل انتفاضات قادمة ضد بطش الحوثيين وجورهم، خاصة مع اتساع رقعة المواجهات لتشمل مناطق في محافظة عمران محاذية لمعاقل قبائل حجور في حجة. 
 
وإذا ما ألقينا نظرة على مجريات انتفاضة حجور، وما تتعرض له من خذلان من السلطة الحاكمة والتحالف العسكري الداعم لها، فإن ذلك قد يشكّل مانعا أمام أي انتفاضة قبلية ضد الحوثيين مستقبلا، في حال استمر هذا الخذلان، لإن أي انتفاضة تفتقر إلى عوامل النجاح لا يعني سوى الانتقال من السيء إلى الأسوأ.
 
موازين القوى العسكرية في مناطق حجور تصب في صالح الحوثيين في المرحلة الراهنة، والفرق شاسع بين من بين من يمتلك أسلحة ثقيلة يقصف بها القرى والمناطق السكنية، وبين من يمتلك أسلحة بسيطة يدافع بها عن نفسه، إضافة إلى إحاطة الحوثيين بمناطق حجور جغرافيا، ما يمكنهم من فرض حصار خانق عليها بالتزامن مع استمرار الفعل العسكري.
 
انتفاضة حجور ليس لها أي أهداف أو أجندات خاصة، بقدر ما تنشد وجود دولة حقيقية تحفظ حقوق المواطنين وكرامتهم وتقيم العدل والمساواة بينهم، وهو ما ينشده جميع اليمنيين، وبالتالي لا يوجد مبرر لحالة الخذلان والتنصل من المسؤولية من قبل السلطة الحاكمة، لإن ذلك يؤدي انعدام ثقة المواطن بالسلطة الشرعية وجديتها في تحرير ما تبقى.
 
حتى الآن، لم تقدم السلطة الشرعية والتحالف أي دعم عسكري لأبناء حجور، باستثناء غارات جوية محدودة يتم تسويقها للاستهلاك الإعلامي، في حين يفترض تقديم دعم عسكري مباشر من خلال الإنزال الجوي، وإطلاق معركة عسكرية لتخطي مسافة العشرين كيلو متر، التي تفصل مناطق حجور عن أقرب منطقة للجيش الوطني.
 
تعاني قبائل حجور اليوم من عدوان سافر يقوم به الحوثيون، وخذلان مخز من سلطة الرئيس هادي، وإذا كان العدوان صفة ملازمة للحوثيين، فمن العار أن يصبح الخذلان صفة ملازمة لسلطة من أوجب واجباتها حماية الشعب وصون أرواح أبنائه وحفظ ممتلكاتهم.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر