فبراير بين الأمل والألم


همدان الحقب

خمسة أيام تفصلنا عن ذكرى انطلاق ثورة فبراير المجيد، أيام تعيد شريط الذكريات الحافل بالكفاح والتضحيات وتتزاحم بمشاعر الأمل والألم معا.
 
ولا شك أن الانقلاب على ثورة الحادي عشر من فبراير كان مصدر الآلام وكرة اللهب التي تدحرجت بين أحلامها، وقد بات واضحا أن هذا الانقلاب الدموي لم يكن مجرد رغبة محلية لأطرافه التي رأت نفسها على النقيض من مستقبل تسعى الثورة لتحقيقه، مستقبل يمن جديد قائم على أسس المواطنة ودولة القانون والتوزيع العادل للثروة والسلطة بل كان رغبة لقوى إقليمية ودولية رأت في نجاح الثورة تهديدا لمصالحها وتقليصا لأطماعها ومشاريع نفوذها.
 
لقد وجدت الثورة الشبابية الشعبية- بما ورثته عن النظام السابق من تعقيدات وأخطار كبيرة - نفسها أمام خيار المنازلة مع الثورة المضادة وامتداداتها التي تجاوزت الإقليم إلى المجتمع الدولي ومصالحه، ألقى هؤلاء المصطفين كل من موضعه بثقلهم لصالح الثورة المضادة وعملوا على تحطيمها بالعنف الذي تصدوا به لمسارها السلمي، وكل ذلك من أجل أن يعيدوا إنتاج واقعا مختلفا عن ذلك الذي مهدت فبراير بنضالها السلمي لظهوره، واقع التوافق الوطني لإنجاز التحول.
 
نعم، فقد أرادوا أن ينتجوا واقعا يتشكل من ركام الحرب وآلامها ليقدم فبراير لثوارها ككارثة ومأساة تدعو للندم على انخراطهم في صفوفها ذات يوم بدلا من الفخر والإصرار على السير في دربها.
 
الثوار اليوم يشعرون أن تكالب الأعداء على ثورتهم كان فوق طاقاتها ما أدى إلى وهن أدواتها وتراجع أحلامها، لكنهم لم يعودوا يشعرون تجاه الأعداء بذلك الجزع الذي كان يستولي عليهم في السنتين أو الثلاث التي تلت الانقلاب، والسبب هو أنهم أنفوا أن يظهرون كمدهم تجاههم وأن عليهم أن يخوضوا حربهم معهم مهما كانت الكلفة والنتائج، إنهم على كل حال أعداء قذرون عليهم التصدي لهم وحسبك في عدوك أن تدوس عليه وتمضي نحو الهدف.. هكذا لسان حالهم.
 
المتابع لكل ما يكتب ويقال على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام التي تدنو بنا من الذكرى الثامنة للثورة يلحظ أن النقد منصب أكثر على أداء الشرعية وقواها، إن هناك شعور عميق لدى الثوار بضعف أداء الشرعية وعدم نجاحها كما يجب في استغلال الامكانات المتاحة أمامها للقضاء على الانقلاب والخروج باليمن من شروره.
 
إن الثوار اليوم بين ثنائية الأمل والألم.. يأملون لأن فبراير حدث بطبيعته يبعث على الأمل حتى في أحلك الظروف وأشدها سوداوية، ويألمون لواقع اليوم الكارثي الذي تسبب به الانقلاب وكذلك لضعف أداء الشرعية الذي يمكن أن يكون أفضل حالا لو توفرت الإرادة الكافية.
 

حقوق النشر محفوظة "يمن شباب نت" ©2018  

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر