مخاطر تواجه حزب الإصلاح (1)


سلمان المقرمي

 ضربات كثيرة حلت بالدولة اليمنية، وفقدت على إثره وجودها المؤسسي، وتلاشت سلطاتها، ووصلت إلى الشعب في كل فئاته ومكوناته وقواه، وبكل تأكيد كان للإصلاح نصيب وافر من الضربات كونه أحد أقوى المؤسسات الفاعلة في أوساط الشعب.

ومنذ المرحلة الانتقالية – التي لم تنته – لم يعد الإصلاح حزبا معارضا بالمعنى السياسي والحرفي للكلمة، وليس هو أيضا حزبا حاكما، باعتبار مجلس النواب صار توافقيا بموجب المبادرة الخليجية، وبلا عمل أو فاعلية على أرض الواقع بعد سقوط الجمهورية وسيطرة الإمامة.
 
اكتسب الإصلاح رصيده وقوته من عدة عوامل وظفها في المراحل الماضية بشكل جيد في سبيل بناء قوته ومشروعه من أجل الجمهورية الديمقراطية، وعلى رأس تلك العوامل كان العامل الأخلاقي والقيمي أحد عناصر القوة الرئيسية وملمحا يميز حزب الإصلاح، وخاصة الموقف الأخلاقي الصارم –سابقا- تجاه الفساد بمختلف أشكاله.
 
منذ انتقال الرئاسة إلى هادي لم يعد مكافحة الفساد أحد أولويات حزب الإصلاح، وخفت خطاب الشفافية والنزاهة في إعلام الحزب، وبرامجه وعمله، على مستويات كبيرة، ولم يعد خرق الدستور والقانون من قبل السلطات الانتقالية أمر يستفز قادة الإصلاح ومؤسساته، وهي كثيرة.
 
مكافحة الفساد ليست بالدرجة الأولى مسؤولية الأحزاب، وإنما هي مسؤولية مجلس النواب والجهات الرقابية والقضائية، لكن ملايين من الذين يناصرون الإصلاح كان مكافحة الفساد أحد أهم عوامل نصرتهم للإصلاح وتأييدهم له، والتراخي في هذه النقطة يعد نكوصا مخزيا.
 
نظام الجمهورية المؤسسي كان قائما بدرجة كبيرة على الفساد، فمثلا يمثل مجلس الشورى أحد أهم المناصب الفاسدة، فهو مؤسسة تنفيذية بصلاحيات تشريعية، ومثله كثير من المناصب الحكومية وخاصة المستشارين والوكلاء في الحكومة والمحافظات، والجهاز البيروقراطي، والفساد لا يقتصر بالضرورة على الرشوة وإنما له أبعاد أخرى، وخلاصتها التعطيل والإثراء غير المشروع.
 
على مدى سبع سنوات، من مشاركة الإصلاح في الحكومة اليمنية لم يقدم الحزب أشخاص عرفوا بالنزاهة أو عملوا على محاربة الفساد، ولم يشكلوا نماذج فاعلة في البناء وفي الحفاظ على رصيد الحزب الشعبي خاصة تجاه القيم حملها الحزب في المراحل السابقة.
 
لم يعد هوامير الفساد في البلاد والحكومة يعملون حسابا لموقف الحزب من عمليات الفساد والإفساد الشامل، والجميع سمع بالفضيحة المخزية للمضاربين بالعملة التي نتج عنها أرباح تقدر بثمانية مليارات ريالات خلال ستة أيام فقط في شهر نوفمبر الماضي، وإحراق مصافي النفط في عدن وهدر ثروات البلاد ومرتباتها في وقت يجوع فيه الشعب.
 
إن لم يشكل الإصلاح رقابة حقيقية في هذا الوقت الذي تعيش فيه البلاد كيانات متفرقة وسلطات متعددة كلها بلا رقابة، فمتى سيكون دوره الرقابي إذن؟  ولا نقصد أن يكون نيابة مالية على الجميع، بل عليه على الأقل أن يضمن أن أعضاءه ومناصريه في مختلف مواقعهم الحكومية غير منخرطين في أي عمليات فساد، ونؤكد مرة أخرى، الفساد لا يعني الرشوة فقط، وإنما ليأخذ بعين الاعتبار أبسط معيار وهو عدم السماح لأعضائه في الحكومة والمؤسسات العامة بتجاوز القوانين النافذة مهما كلف الأمر.
 
المخاطر وخيمة على الحزب باعتباره تجمعا للقوى الحيوية في الشعب، والنشطة، وتشظي الحزب وانتكاسته بسبب التراجع القيمي وخذلان محاربي الفساد له مخاطره الجمة على الحزب أولا والشعب ثانيا.
 
لا يمكن ترك التضحيات التي قدمها الحزب تذهب سدى بسبب تورط فاسدين من الحزب في الحكومة بمختلف مستوياتهم، تحت ذرائع الانقلاب ومحاربة الإمامة وما إلى ذلك، فالفساد فساد في جميع الأوقات وتدميره شامل على الجميع.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر