الخيار الوطني لمواجهة المجاعة


همدان الحقب

    الحروب عبر التاريخ بيئة للمجاعة وفقاسة للأوبئة...
 
وما لم تتخذ الدولة خيارات جادة، فيما يتعلق بإدارة موارد الدولة بما يتوافق مع المآسي التي تخلفها الحرب، فإن آثارها تفتك بالشعب فتكاً رهيباً يصعب السيطرة عليه ..
 
إن قطاع النفط والغاز هما الوسيلة الوطنية المثلى لمواجهة المجاعة التي تتمدد في أوساط الشعب اليمني، فاتحة أبواب الموت على مصراعيه. بالإمكان إنتاج نفطنا وتكريره في كل من مصفاتي مأرب وعدن، ليتم بيعه للسوق المحلية بأسعار معقولة، فتنخفض أسعار الغذاء والدواء الآخذة في التصاعد بشكل جنوني ..
 
قيمة السلع مرتبطة ارتباطاً مباشرا بأسعار النفط. إذن؛ لماذا نبيع نفطنا في السوق المحلية بتلك الأسعار التي فرضها علينا البنك الدولي قبل اندلاع الحرب؟
 
 إننا نمر بمرحلة حرب، تحتم علينا إعادة النظر في كثير من الخيارات التي كانت سائدة قبل اندلاعها. وأهم هذه الخيارات أسعار النفط في السوق المحلية.
 
وما دمنا شبه محاصرين، من الانقلاب ومن يقفون خلفه، من تصدير النفط لتوفير السيولة التي تحفظ قيمة الريال؛ وبالتالي استقرار أسعار السلع، فإنه لا حل أمامنا سوى بيعه في السوق اليمنية بأسعار هادئة، تُمكّن مصانع إنتاج الغذاء المحلي، التي تستهلك النفط، من الانتاج بكلفة قليلة، ليتسنى للطبقات الأشد فقرا شراء منتجاتها.
 
  غالبا ما مثل تنظيم الموارد والثروات الوطنية وحسن تصريفها عند دول كثيرة انزلقت للحرب، العامل الحاسم في الخروج من النتائج الكارثية، وعلى رأسها المجاعة ومكافحة الأوبئة ..
 
أما تلك الدول التي تركت ثرواتها سائبة، وتحت طائلة التصرف العشوائي والفساد، واعتمدت على ما تقدمه منظمات الإغاثة الدولية والمحلية، فقد غرقت بآثار الحرب وتبعاتها، إلى الحد الذي قتلت إمكانات الشعب وسلبت قدرته في حسمها والخروج من بين أنقاضها.
 
الحروب، وبالذات في العالم الثالث، تطيح بمنظومة الاقتصاد، على هشاشتها. مما يجعل آثارها أشد وطأة على غالبية المجتمع، من تلك الدول التي جرت حروبها في ظل دولة قوية تستطيع أن تحفظ دورة الاقتصاد وانسيابه؛ فضلا عن استمرارية أداء مؤسسات الدولة لمهامها تجاه المجتمع ..
 
بسقوط منظومة الاقتصاد، تهوي الفئات، متوسطة الدخل، إلى مستويات الفئات الأشد فقرا، ويستمر تشكل اقتصاد الحرب في توسيع الهوة بين فئة قليلة تتعاظم ثروتها، دون أن تنعكس بأي فائدة على الفئة الاخرى، وهي السواد الأعظم الذي يتضور جوعاً وتفتك به الامراض القاتلة ..
 
ومع تعطل عجلة الاقتصاد، تبدأ المجاعة في الانتشار، وتدفع الأوضاع المنهارة، بوتيرة متسارعة، نحو حرب أهلية غير واضحة المعالم.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر