الحرث في تضاريس الخيبة 


سبأ عباد

لا أدري هل بإمكاني الآن أن أصف  أقدام القلب، حين تتفطر من كثرة الوقوف بين قيظ الألم - ألم الانتظار - ووعورة السير على طريق الأمل؟.

بين هذا وذاك يقف القلب حافيا، إلا من الشوق لقادم أخذ منه الكثير في انتظاره، قلب لا يتقن الرقص، إلا حين تحركه أوتار الحرية، وألحان الشجن الذي يدس بين جيوبه بعض مآسيه التي أثقلته، وحجراته الأربع، إذ لم تعد تكفي.

يحتاج القلب مساحة أكثر اتساعا، لاستيعاب كل هذا الهباء الذي يُقدم له، ليس بالمجان طبعا، إنما على طبق من دماء الذين يحبهم، هنا أو هناك.. 

الذين يزعون الحرب، يحصدون سنابلها بأيدينا، ويتركون لنا تبنها نتنازعه مع الرياح، يتركون لنا عرق النظر إلى المسافات الشاسعة، وأكمام التمني، نداري بها ذلك العرق، الذي ما زال يخبر بوجودنا على ظهر الحلم.

مع كل ذلك، هل يتعب الفلاح من عناد الأرض!، و من شقاوة التضاريس!، وكذب الجغرافيا، هل يتعب؟!!!!

ذلك العجوز الذي حفر الزمن شقوقا في أظافره، وأخاديدا في مرايا روحه، حتى لا نكاد نجد بقعة في جسده أفلتت من انعكاساتها.. 

الضغط على الزناد ليس الأصعب، أن تكون في المقدمة ليس الأقدس، بل أن تستمر بتقليم أشواك الحرب بيديك، دون كلل أوملل، حين تأتيك من كل اتجاه، تنبت حتى من تحتك، بين أوراقك، مدسوسة حتى في رائحة الأشياء من حولك، حاضرة حتى مع الأفكار الشاردة التي تباغتك كل ليل، وقد تكون أكثر تهورا فتجدها في لقمة يومك، وهكذا، كفريسة تتقن الجري، تظل تلاحقك.. 

مع ذلك، لأنك فلاح، لن تيأس، الفلاحون لا ييأسون، ولا يتعبون، ولا تنحني ظهورهم رغم التعب،  لذلك ستستمر في جزها بيديك الجريحتين، ستنتزعها من جذورها، وتتغاضى عن وخزاتها، وما ستسببه من آلآم ودماء وتستمر، تقرأ على ترابها تعاويذ السلام والحرية، كي لا تفكر بالعودة مجددا.. 

   الله الله في الأرض أيها الفلاح الأبيّ، ويديك اللتين منحتهما للضياء، ومعول أحلامك في تضاريس الخيبة والشقاء.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر