هل تتوقف الحرب في اليمن؟


ياسر عقيل

يمارس المجتمع الدولي ضغوط مكثفة لإيقاف الحرب في اليمن وابرام تسوية سياسية بين الحكومة والحوثيين برعاية الأمم المتحدة من خلال مشاورات السويد المقبلة والتي من المتوقع أن تنعقد في ديسمبر المقبل، من الواضح أن فرص النجاح أكثر من الفشل لكن هناك تعقيدات لا يمكن ان يتم تجاوزها بسهولة.
 
شكلت قضية مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي مفتاح الضغط بعد إثارة الرأي العام الدولي والذي سلط الضوء على الأزمة اليمنية كون السعودية هي من تقود التحالف العربي المساند للحكومة ضد الحوثيين، وبقدر ماهي الدعوات لإيقاف الحرب منطقية في الحالة اليمنية لكن لا يمكن أن تخرج عن دائرة الابتزاز المعلن للرياض في الوقت الحرج الذي تمر به في مواجهة التداعيات الدولية لمقتل صحفي في قنصليتها.
 
تتحرك بريطانيا بهذا الصدد بشكل غير مسبوق فيما يخص اليمن وبحماس كبير يثير الشكوك على نوعية الصفقة التي يمكن أن تتم من أجل إيقاف الحرب، وخلال الأيام الماضية عقد "جيرمي" وزير الخارجية البريطاني مباحثات مع جميع الأطراف حيث زار الرياض والتقى مسؤولين سعوديين ومسؤولين من الحكومة ومن ثم زار أبو ظبي وطهران وكان هدف تلك الزيارات الترتيب لإيقاف الحرب في اليمن وإبرام تسوية سياسية.
 
تبدو جميع الأطراف اليمنية والإقليمية المؤثرة في الحرب متوافقة على خيار إيقاف الحرب في الوقت الحالي لكن كل طرف له طريقة مختلفة عن الآخر في التسوية السياسية المرتقبة وهنا تكمن التعقيدات التي ليس من السهولة تجاوزها إلا بفرض رؤية على جميع الأطراف وإجبارهم على الموافقة عليها وفرض عقوبات.
 
كل المفاوضات التي جرت في جنيف والكويت بين الأطراف اليمنية فشلت في التفاصيل التنفيذية للاتفاق، وبعضها فشل مبكراً في خطوات بناء الثقة كما حدث مع اول محاولة لـ "غريفيث" في ديسمبر الماضي، وإذا مما تكررت تلك الطريقة في التعامل مع المشاورات فسيكون مصيرها مثل سابقاتها ولن يحدث أي حل في الوقت القريب.
 
بالنسبة للموقف الحكومي في المفاوضات القادمة فهو أقوى في الوقت الحالي في ظل تقدم قواته في الحديدة وقربها من ميناء الحديدة الإستراتيجي والتقدم الميداني الذي حققته، بالإضافة إلى الإصلاحات الاقتصادية التي مارستها الحكومة مؤخراً في تحسين قيمة الريال وتراجع حدة الخلافات بين الأطراف الموالية للحكومة من جهة والإمارات والموالين لها في المحافظات الجنوبية من جهة أخرى، كل هذه المعطيات ستدعم موقف الحكومة بشكل أكبر.
 
ومع كل ذلك لا تزال احتمالات الضغوط الدولية قائمة على الحكومة الشرعية والسعودية والتي تعد متضررة بشكل مباشر من الحوثيين من خلال المعارك التي تدور في الحد الجنوبي وايضاً الهجمات الصاروخية البالستية التي تستهدف مدنها، لكن المجتمع الدولي يستغل الآن قضية خاشقجي لابتزاز السعودية في تقديم تنازلات، في أسوا الأحوال سيكون الضغط من أجل التخلي عن دعم الحكومة مقابل إيقاف كل التهديدات الحوثية.
 
التحركات الدولية الأخيرة بشأن اليمن كان دافعها الأول الابتزاز لذا في الحقيقة لا تطمن تلك الحلول المفترضة التي يتم طباختها بشكل سريع من قبل أمريكا وبريطانيا واللتين يتحركن بتناغم كبير في الأزمة اليمنية، وصُنع زخم كبير حول اليمن تمهيدا لفرض التسوية المرتقبة الذي تبدو ملامحها إلى حد الآن غامض.
 
يأمل اليمنيون في نهاية قريبة للحرب لكن وفق شروط المصلحة الوطنية العليا بعيداً عن المشاريع الصغيرة التي تحاول أن تفرض نفسها بقوة السلاح، ويريد اليمنيون دولة قوية ديمقراطية تمارس سلطتها على الجميع وحلول جذرية تنهي كل مسببات الحرب، وكل ما يخشاه الإنسان اليمني أن تفرض تسوية تعمل على تأجيل الحرب فقط وتفخيخ البلاد بالصراعات المسلحة على المدى البعيد وتبقى البلاد على شفا هاوية وتحت رحمة القوة المنفلته.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر