"دمت".. الهجوم الكاسح


همدان الحقب

 .. واستمرت المعركة حتى يومنا هذا على تخوم دمت؛ تتقدم المقاومة تارة إلى أطراف المدينة، وتستعيدها المليشيا تارة أخرى، حتى تتمركز في وديان الحقب وجبالها الشمالية..
 
 المقاومة، على كل حال، حققت نصرا كبيرا لم يكن أحد يتوقعه، نتيجة لحجم التحصينات التي بنتها المليشيات في خط دفاعها الأول. حاول الحوثيون تفادي السقوط بكل الوسائل، وواجهوا باستماتة، لأنهم كان يتوقعون أن يستمر زحف المقاومة حتى دخول مدينة دمت.
 
 وكان شهود عيان قد قالوا بالفعل: إن المليشيا كانت قد بدأت تسحب قواتها من مدينة دمت، للتحصن في الجبال المطلة عليها من الاتجاه الشمالي، لكن المقاومة- ولأسباب لا نعرفها- توقفت عن دخول المدينة، وتأخرت إلى حد ما في تحصين الجبال المطلة على المناطق التي سيطرت عليها في تخوم المدينة، مما جعلها تفقد- خلال اليومين- بعض المواقع المتقدمة باتجاه المدينة، بفعل الضغط الهائل للقناصين الحوثة، الذين تمركزوا على قمة جبل حصن الحقب.
 
تلقت المليشيا الحوثية ضربات قاصمة، وخسائر فادحة في الأرواح والمعدات، أدت إلى تبادل التخوين بين قياداتها. وتواردت المعلومات، أن الأمر وصل بهم إلى تصفية بعض قياداتهم في جبهة مريس.
 
 يبدو أن الضغط الذي تعرضت له قيادات دمت (المتحوثيين) من قبل قيادة الحركة الحوثية في صنعاء، كان كبيرا. مما دفعهم، وباستماتة، لمحاولة الالتفاف على المقاومة من أكثر من جهة. وتقريبا، بنفس الطريقة التي التفت عليهم المقاومة. لكنها منيت بالفشل كلها، ولم يحققوا سوى تقديم مزيد من الضحايا على مذبح المقاومة.
 
هذا الضغط الهائل، الذي دفع قيادات الحوثة، من أبنا المنطقة، للقتال في مقدمة صفوف الحوثيين بعد الصمود، دفعوا ضريبته بمقتل أكبر قيادي لهم في دمت، وهو هشام الغرباني- المسؤول الأول للحوثيين في محافظة الضالع. والذي سقط في جبل "الحريوة" الشاهق، يوم أمس، في واحدة من محاولاتهم المتتالية لإعادة المقاومة إلى أماكنها، قبل معركة التحرير التي اطلقها الجيش الوطني قل اسبوع.
 
يبدو لي، أن المقاومة استطاعت أن تثبُتْ وتكسر كل هجوم نفذه الحوثيون بشكل هستيري لاستعادة المناطق التي حررتها المقاومة. وهو ما يعني أنها (أي المقاومة) لن تعود إلى الخلف مرة أخرى، بل ستكون على موعد مع مزيد من التحرير، على الأقل لما تبقى من مناطق محافظة الضالع تحت سيطرة الحوثيين.
 
 لقد استنزفت المليشيا جل طاقتها في هجوماتها السابقة. وهذا واضح من هدوء ليلة أمس؛ حيث لم يقم الحوثيون ولو بهجوم بسيط، وتحديدا بعد مصرع مشرفهم هشام الغرباني، والذي أتضح أن مقتله أصابهم بالرعب وجعلهم يكفوا عن تكرار هجماتهم الهستيرية.
 
 معلومات أخرى مؤكدة، قالت إن خلافات حادة جرت بين قيادات المليشيا، التي توافدت من أكثر من محافظة لدحر المقاومة من مناطق دمت، إثر تضحيات كبيرة منيت بها صفوفهم. غادر الشيخ المتحوث "الذهب" دمت، ساخطا بعد سقوط اثنين وعشرين متحوثا من أتباعه. هذه الخسائر، جعلت "الذهب" يدرك- كما هو أيضا حال غيره من القيادات الأخرى المتهافتة- أنه يخوض معركة خاسرة لن يجني منها سوى الفناء والخيبة.
 
الناس متحمسون لأن تستعيد المقاومة المبادرة، وتكرر هجومها لتستكمل تحرير دمت، بعد أن ضاق الأهالي ذرعا من ظلم الحوثيين وقمعهم. فابتزاز التجار قد أدى إلى إفلاس كثيرين منهم، والمزارعون انهكوا بفعل الجبايات الهائلة التي جعلتهم (أي المزارعين) يرون أنه لا جدوى من استمرار ممارسة أعمالهم الزراعية...
 
 هذا، فضلا عن القمع المتواصل للمخالفين لتوجههم ومسيرتهم. ومهما بلغت سلمية تلك المناوئة، إلا أنها كانت تواجه بالعنف والقمع والتنكيل.
 
 يتحمس الناس اليوم لتقدم المقاومة، تحديدا، ودمت تعد من أكثر الحواضن الاجتماعية للمقاومة والثورة. وهي في حال تقدمت أكثر، ستكون قد رست على خزان بشري، يمكنها من أوساطه أن تغذي صفوفها بكثير من المقاتلين.
 
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر