أسئلةٌ حائرة!


محمد علي محروس

إلى عبدالسلام جابر، المنشق الذي أثار الجدل بانشقاقه المفاجئ!
ما جدوى الانشقاق حين يكون من اصطففت في صفهم وناصرتهم في الرمق الأخير؟
ما الذي ستضيفه لنا، وأنت من كنتَ وراء عمليات التضليل الإعلامي منذ سنوات نزق الحركة الحوثية؟
ماذا سنجني من وراء انشقاقك المزعوم، وأنت الذي ضميت لقائمة الإعلاميين المناصرين للحركة الحوثية مئات الشباب تحت مبررات عدة ثم استخدمتهم استخدامًا ظلاميًا؛ لنشر الأفكار السلالية وصناعة زهو المليشيا؟
ألست أنت من قدت الحركة إعلاميًا من خلف الكواليس؟
ألم تكن تتقاضى آلاف الدولارات من جهات بعينها منذ بداية الظهور الحوثي للعلن، وروجت لفكرة إسقاط العاصمة؟
أين رواتب موظفي صحيفة الجمهورية التي نهبتها؟
أين ميثاق الشرف الإعلامي الذي دست عليه؟
أين حق زملاء المهنة الذين أيدت تعذيبهم وأشرفت على التحقيق معهم؟
أين كنت حين كان أبناء جلدتك في محافظات الجنوب يُقتلون - ممن تناصرهم - كل يوم بالعشرات، وأنت تشرعن لهم جرائمهم تحت مبررات سوداء؟
إلى الحكومة الشرعية والتحالف العربي، كيانا الاستقطاب المضحوك عليهما!
ألم تتعظوا من انشقاق طارق صالح وانضمامه الصوري إليكم؟
ألم تكتفوا بحالة اللغط التي يثيرها هؤلاء المتقمصون لأدوار أخرى تحت إبط الجماعة الحوثية؟
ألا تعيدون الاعتبار للداخل في المناطق المحررة، بدلًا من استقبال الفاتحين لمثل هؤلاء الماكرين؟
إلى متى ستظلون عتبة العبور لمثل هؤلاء المجرمين، الذين شرعنوا جرائم المليشيا وأيدوها بكل ما كان متاحًا لهم؟
ألم تتضح اللعبة لكم بعد، فهؤلاء انتهت مصالحهم مع الحركة الحوثية فركنوا إليكم ليلعبوا أدورًا أخرى قد تكون بإيعاز من المليشيا ذاتها؟

هذه جملةٌ من الأسئلة الحائرة، المتداولة بين أوساط الشعب والمعنيين بالأمر كمتضررين من حالة الغيم المسيطرة على البلاد بفعل حركة الانشقاق المثارة مؤخرًا من قبل قيادات بارزة لدى مليشيا الحوثي، أسئلة ممن لا يملكون قرار الفعل، ولكنهم بمقدورهم أن يعبروا عن ما يحدث بالقول، وذلك أضعف الإيمان!

الكثير من المعاناة أفرزها هؤلاء المنشقون، بدءًا بطارق صالح الذي رمى بعمه في مصيدة المليشيا، وفر هاربًا إلى عدن، وهناك رُحب به كقائد بطل، وهو الذي ناصر المليشيا معية عمه صالح بكل ما أوتيا من قوة، وعند فقد القدرة العسكرية تحول كمستشار يدلي دلوه ويحوم في الجبهات من مكان إلى آخر مناصرًا للمليشيا، حاثًا على مواجهة القوات الشرعية والنيل من دول العدوان!

كان طارق ضمن مصفوفة إسقاط العاصمة صنعاء، فظاهرها مليشيا الحوثي، وباطنها صالح وزبانيته، ضمن غرفة عمليات لم تتوقف حتى سقطت صنعاء في وحل انقلاب غاشم، حوّل البلاد برمتها إلى كومة من المعاناة على كافة الأصعدة، وهل كان طارق إلا واحدًا ممن أوعزوا بتسليم المعسكرات، وقاد حملة تسهيلات كبرى للمليشيا حتى تصل صنعاء وكل الطرق معبدة؟

ومن بعده كثر، على رأسهم وكيل وزارة التربية والتعليم المنشق هو الآخر، بعد أن كان أحد الركائز المهمة في عملية تعديل المناهج الدراسية بما يواكب إرادة المليشيا الفكرية، ويتماشى مع توجههم السلالي ومعتقدهم الشيعي الداعي للتفرقة، والدم الأحمر!

هو أيضًا، رُحّب به ترحيبًا حارًا، وأين؟ في الرياض، وكأن الأمر مهيئ له، وكأن ما قام به على مدى السنوات الماضية قد انتهى بين ليلة وضحاها، وعلى الشعب أن يطوي الصفحة السوداء للرجل؛ لأنه قام بما قام به من حسن النية لا سواها!

أهكذا، يتم التعامل مع قادة غسل الأدمغة، حتى وإن كان للانتصار الإعلامي، فإن الأمر لا يتعدى حدود تبرئة ساحتهم من الجرائم التي ارتكبوها، مهما كان انشقاقهم مؤثرًا، ولا أظنه كذلك البتة، ولكن الشرعية والتحالف لا يدركون، أو شيء من هذا القبيل.

مؤخرًا، انشق جابر، وزير إعلام المليشيا، دينامو التضليل الذي لم يتوقف منذ سنوات، ليثير الكثير من الأسئلة الحائرة، فمنها ما يبحث عن ما وراء الانشقاق الغير متوقع لقيادي بارز في صفوف الحركة الحوثية، ومنها ما يبحث عن التوقيت الذي أعلن فيه انشقاقه، ومنها ما يعيد للذاكرة حالات مشابهة لجابر وكيف تم التعامل معهم؟

لا غرابة في الموضوع، فعبدالسلام جابر الذي أدار حملات التحريض ضد الدولة اليمنية قبل الانقلاب الحوثي بسنوات، وتسلم إدارة التضليل في صفوف المليشيا، مع آلة إعلامية لا تتوقف ولم تتوقف حتى بعد انشقاقه المزعوم، وصادر مستحقات مئات الموظفين من زملائه في صحيفة الجمهورية، وأشرف شخصيًا على التحقيق مع مجموعة من الصحفيين المخفيين في سجون المليشيا بل وأشرف على تعذيبهم.. ليتم تكريمه مقابل ما ارتكبه باستقبال مهيب ومؤتمر صحفي كفاتح من الفاتحين، وهو حتى اليوم لا يزال على صلة وثيقة بالمليشيا، وأجزم أن حركة الانشقاق كانت بترتيب مع المليشيا ذاتها، لمآرب ستتكشف في القريب العاجل.

حتمًا ستتكشف هذه الحالة الاستثنائية التي نمر بها، فالمجرم المعتدي حتى الأمس محل ترحيب، والمضحي الذي فقد كل ما يملك مطاردًا، لا مكان له بين أهله ووطنه، والجرحى لا يؤبه لهم بعد أن أكملوا مهامهم بكل اقتدار، ما هكذا تورد الإبل، وما هكذا نصنع مستقبل الدولة اليمنية التائهة!
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر