ننتصر أولا لنأمن ونشبع


همدان الحقب

    دارت الكثير من النقاشات على مواقع التواصل الاجتماعي عمّا إذا كانت خطوة تعيين الدكتور معين عبدالملك رئيسا للوزراء خلفا لبن دغر ستغير شيئا في الواقع الذي تعيشه اليمن سواء على الصعيد العسكري المتمثل في حرب الشرعية مسنودة بالتحالف العربي مع الانقلابيين أو على الصعيد الأمني في المحافظات المحررة وأهم من هذا وذاك عند الشعب الذي يموت جوعا ومرضا وتشردا وقتلا على هامش هذه الحرب هو ما الذي يمكن أن يفعله الوزير الجديد في الملف الاقتصادي.. في تقديري أن هذه الملفات يشد بعضها بعضا بل متداخلة فيما بينها في بعض المواطن حد التماهي والتعقيد، وما دام الملف العسكري عاثر فسيكون الحال كذلك بالنسبة لغيره من الملفات وسالفة الذكر تحديدا ( الأمني والاقتصادي ) .
 
حين تدخل أي بلد في الحرب سواء كانت هذه الحرب مع عدو خارجي أو متمرد وانقلابي داخلي فإن واحدية العمل وانتظام أداء الدولة وترابطه هو العامل الرئيسي في الانتصار والسيطرة على الوضع بل والخروج بأقل تكلفة، بما يعني أنه لا يمكن أن تعمل بعض مؤسسات الدولة باستقلال عن البعض الآخر، فمثلا أداء الجهاز الأمني يضمن للدولة الاستقرار في المناطق التي تحضر فيها وهذا يوفر عليها جهدا في المعركة العسكرية ولا يعيق مسارها نتيجة للانفلات الأمني الذي قد يعرقل أو حتى يعطل مسار الحرب، وحين يُعْنَى وزير المالية بتأمين الاقتصاد ويؤدي دوره على أكمل وجه وبما تقتضيه المرحلة العسكرية فإنه يحافظ على الخزان الاجتماعي من الانهيار ويحمي وحدته وتماسكه ويجعل منه قادرا على لعب أدوارا مهمة تغذي الجانب العسكري بمزيد من الإمكانات البشرية وحتى المادية .
 
وما دمنا نتحدث عن ضرورة تغيير رئاسة الحكومة وتشكيل حكومة حرب مصغرة فهذا يعني أن الهدف الأساس هو الانتصار العسكري على الانقلاب وهو الانتصار الذي ستتوالى بعده الانتصارات بأشكالها المختلفة تباعا، وكل مهمة يمكن أن يؤديها وزراء الدولة وعامليها في  الاختصاصات الأخرى لابد وأن تكون معززة لهذا الهدف المركزي.. للأسف الشديد خرج علينا رئيس الوزراء في أول مقابلة له قائلا أنه طلب من رئيس الجمهورية بألا يكون مسؤولا ولا حتى مساهما في الجانب الأمني والعسكري، وهذا دليل واضح على حجم تخاطف كيان الشرعية من قبل قوى التحالف وغيرها وهو تخاطف ضرب الشرط الأساس لانتصار الشرعية على الانقلاب عسكريا واستعادة الدولة، شرط ترابط المهام بما يؤدي إلى الدفع باتجاه إسقاط الانقلاب عسكريا واستعادة الدولة المغتصبة .
 
كيف تصور رئيس الوزراء الطري أن بإمكانه بناء نهضة اقتصادية وخدماتية في ظل الحرب التي تدمر مقومات اليمن على مدار اليوم والساعة ؟ لا مانع أن تكرس جهودا للجانب الاقتصادي والخدمي في مناطق الشرعية وخارجها إن أمكن لكن عليك أن تعلم أن هذه مجرد خطوات تتطلبها المعركة الأم.. معركة الجيش الوطني مع المليشيا الانقلابية.. ما الذي يجري؟.حكومة غير معنية بالملف العسكري والأمني ما الذي يمكن أن تعنيه للناس ولطبيعة المرحلة، مرحلة الحرب الضروس؟.. هل هناك أيضا من يرسم مصفوفة مهام الحكومة انطلاقا من حساباته لا مما يقتضيه واقع اليمن وحاجة شعبه في التحرر من قبضة الانقلاب وفساده في طول اليمن وعرضها ؟ .
 
وكأن رئيس الوزراء الجديد كُلِفَ يلعب دورا تطبيعيا فقط نشتم منه رائحة التنازل عن إسقاط الانقلاب وبداية تقسيم اليمن وتقاسمه على النحو الذي جاء على لسان وزير الدفاع الأمريكي قبل أيام.

قال رئيس الوزراء الدكتور معين عبدالملك سعيد " إنه تقدم بأول طلب إلى رئيس الجمهورية اليمنية عبدربه منصور هادي بعد أداء اليمين الدستورية قائلا: إني طلبت من رئيس الجمهورية بعد أداء اليمين الدستورية مباشرة بأن أتولى الجهاز الإداري والاقتصادي لعمل الحكومة فقط وألا يكون لي علاقة بالملف السياسي والعسكري ويتولى هذين الملفين رئيس الجمهورية ونائبه.

كلام لم يروق لي ولا لغيري من المتمسكين بإزاحة الانقلاب عن كل شبر في اليمن لأنه ينبئ ألّا جديد سيدير الدفة في هذا التعيين الذي طلب بأن لا يكون صاحب مسؤولية لا من قريب ولا من بعيد بمعركة الوطن الأم . ألا تشعرون أن ثمة تيئيس من إمكانية تحقيق انتصارات عسكرية قادمة قد وردت على لسان رئيس الوزراء الجديد؟ ثم قيسوها مع تصريح وزير الدفاع الذي أقر بتقسيم اليمن وتقاسمه .
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر