ما لم يتمكن أبو العباس من تحقيقه داخل تعز، أوكل أمره للمحافظ الآن، ولكن هذه المرة بأدوات ناعمة ومن زاوية مختلفة ..!

عملت الأصابع الخارجية مطولًا على تجنيد أبو العباس للتحرش بفصائل الجيش الوطني وسحبه لمربع صراع عبثي داخل المدينة، زودته بالمال والسلاح الإضافيين ومن خارج دائرة التموين العسكري؛ لعمل كل ما من شأنه إرباك عملية التحرير والتشويش على صورة الجيش ومحاولة خنق فصائله وإذلال أفراده وضرب سمعته، كل ذلك كان تمهيدًا للتمدد على حساب الجيش وربما لقلب الطاولة عليه لاحقًا؛ لكن المهمة بدت مستحيلة وتجلى الوكيل أضعف من أن ينجزها كما يطمح حلفاءه..!

سنتين ولم يتمكن العقيد السلفي من إنجاز الدور، بل كانت النتيجة عكسية وصار الرجل منبوذًا ومكشوفًا، وفي أخر المطاف، حين رأى نفسه في مواجهة خاسرة مع اللجنة الرئاسية، انتظر رأي موكليه؛ فأوعز له حلفاءه بالإنسحاب؛ لكنهم أوكلوا مهمته العسكرية الفاشلة لشخص أخر، وكان هذه المرة، مدني الطابع، وصاحب أعلى منصب إداري في الممدينة، متمثلًا في محافظ المحافظة الدكتور الأنيق / أمين محمود..!

بداية كان المحافظ يسعى لتوفير غطاء رسمي للمهمة القذرة التي يلعبها أبو العباس، وسعى بكل ما يملك لانتزاع صلاحيات عسكرية من الرئاسة؛ طالبًا منها تعينه قائدا للجنة الرئاسية المكلفة بتطبيع الأوضاع الأمنية في المدينة، وما إن فشل الرجل، وخسر مساعيه في حماية شريكة في المهمة/ العقيد السلفي، شعر أن الأمور تصب في غير ما كان يتمناه، وأن حلمه في توسيع نفوذه وتحقيق مهمته في الهيمنة على القرار السياسي والعسكري داخل المدينة يبدو صعبًا؛ فلجأ لحيلة أخرى، منها محاولة الاحتكاك بأفراد اللواء22 كما حدث في المجلية وقبلها وبعدها تمويله لحملة إعلامية تهدف تلطيخ صورة الجيش عبر إشاعة تهم مالية ضد قيادة المحور، وهذه الأخيرة سرعان ما تكشفت حقيقتها، عبر بيان رسمي لناطق الجيش في تعز، ويمكنكم قراءة ردود الجانبين مع قراءة نتائج ثالث لجنة للتحقيق في عمل اللجنة الطبية لرعاية الجرحى؛ لتدركوا الطرف الذي تدور حوله شبه الاختلاس المالي أو التستر على أصحابها..!

لكن وبعيدا عن موضوع الفساد المالي، والاتهامات المتبادله بشأنه، فما يهمنا من جملة هذه الأحداث هو دوافع فاعلها.
فنحن إزاء محافظ لديه نزوع واضح للهيمنة على كل شيء داخل المحافظة، يحاول استعداء الجيش ويسعى بكل ما يملك لخلق صدامات معه، يجند ماكينة إعلامية لضرب سمعة المؤسسة العسكرية، ويلعب أدوار تصب في نفس الغرض الذي كان يلعبه لأجله أبو العباس..! 

ومثلما كان أبو العباس يتجاوز صلاحيات قيادته العسكرية ويتصرف كما يشاء، جاء المحافظ ليفعل مثله، ويتجاوز صلاحياته بشكل فاضح، ولعل أبسط مثال فعله بهذا الاتجاه هو إصداره أمر بإنهاء عمل اللجنة الرئاسية المشكلة بقرار رئاسي، بما يعنيه الأمر من تجاوز قانوني لصلاحيات الرئاسة نفسها، وفي الإجراء خفة فاضحة تؤكد ارتجالية الرجل وتكشف عن تضايقه من عمل اللجنة الرئاسية التي نجحت في تحقيق مهمتها بشكل مثير للإعجاب، على الأقل حتى الآن، إلى جانب أنها حاصرت رغبته في إدارة الخطة في المدينة كما يريد حلفيه الوثيق/ أولاد زايد ومن على شاكلتهم، وجعلته مرتبكًا. ويبدو الآن أنه يتكشف كل يوم أكثر وبشكل أسرع من شريك مهمته السلفي الذي سبقه..!

أربع سنوات، أكدت وتؤكد فكرة ثابتة عن تعز، هو أن كل من يرى نفسه أذكى منها، ويحاول اللعب ضدها يتكشف سريعًا ويتهاوى بزمن قصير. نحن إزاء مدينة لديها حساسية عالية تجاه كل من يحاولون التلاعب بمصيرها ولا أظن أحدًا يملك قدرة خارقة للتحايل عليها والإفلات منها بسلامة، وهنا تكمن عبقرية المدن الحية التي يحرسها جراحها، وتئن ليلا؛ لكنها لا تنام ..!

*من صفحة الكاتب على الفيسبوك

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر