تمارس الأنظمة القمعية، والتحالفات العسكرية منذ عقود أسوأ أنواع الإرهاب بحق المسلمين في أكثر من منطقة إسلامية، وغالبا ما يتم هذا الإرهاب، تحت شعار مكافحة الإرهاب، الشعار الأبرز الذي أطلقته إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر التي تدور حولها الكثير من علامات الاستفهام. 
 
في هذه اللعبة القذرة، تأخذ الدول الكبرى أكبر حصة، من عمليات الإرهاب وقتل الأبرياء، إما بشكل فردي أو ضمن تحالفات عسكرية، كما تمارس الأنظمة العربية مهامها ضمن اللعبة، في إرهاب شعوبها، وقتل معارضيها لضمان بقاءها في السلطة، وأصبح الإرهاب وسيلة فعالة لإبادة الشعوب المسلمة، فضلا عن تجارة الأسلحة، وتصفية الخصوم، وتكميم الأفواه والحريات.
 
في الوقت الراهن، أصبحت المنطقة الإسلامية، وسكانها، مسرحا كبيرا لممارسة الإرهاب في أقذر أشكاله وأبشع صوره تحت يافطة مكافحة الإرهاب والتطرف، من ليبيا غربا، وحتى ميانمار شرقا، ومن اليمن جنوبا وحتى العراق وسوريا شمالا، في إطار عملية عسكرية تقتصر على المكوّن السنّي بشكل خاص.
 
ومثلما مارست التحالف العسكري بقيادة الولايات المتحدة، أبشع أنواع الجرائم بحق المسلمين، في أفغانستان والعراق، مطلع العقد الماضي، فإن هذا التحالف العسكري على اختلاف وتنوع أعضاءه، يمارس الإرهاب ضد المسلمين في العراق وسوريا، في إطار ما تسمى الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية، وأدت الحرب المزعومة على الإرهاب، إلى قتل الآلاف من المسلمين، أكثر بكثير ممن قضوا على يد عناصر تنظيم الدولة، والفارق أن إرهاب التحالف الدولي يحظى بدعم وتطبيل ومباركة من دول عربية، خليجية بشكل أخص، وشخصيات رسمية وأخرى لها وزنها وتأثيرها في المنطقة.
 
أما بالنسبة للإرهاب الفردي، الذي تمارسه كل دولة بمفردها، بحق المسلمين، نجد أن الولايات المتحدة تمارس هذا الإرهاب أيضا، خارج تحالفاتها العسكرية، وسلاحها المستخدم بشكل بارز هو الدرونز، إذ تنفذ جرائم قتل بحق أبرياء، وتزعم أنهم إرهابيون، كما تمارس روسيا الإرهاب في أبشع صوره ضد المسلمين في سوريا، بدعوى محاربة الإرهاب، ومنذ تدخلها في سوريا بشكل مباشر، نجد أن العمليات العسكرية الروسية ركزت بشكل رئيس على المناطق السكنية السنيّة، وحصدت أرواح ما يربو على ستة آلاف إنسان، كما مارست سلطات ميانمار البوذية أبشع صور القتل والتنكيل بحق المسلمين في إقليم آراكان تحت يافطة الإرهاب، وقتلت وشردت مئات الآلاف منهم خلال السنوات الماضية، ونفس الأمر ينطبق على ممارسات السلطات الصينية بحق مسلمي الإيغور الذين يشكلون أغلبية في إقليم شينغيانغ، إذ وصل الأمر بسلطات بكين إلى منع الصلاة والصيام في الإقليم، وجميع الممارسات السابقة بحق المسلمين آخذة في الزيادة والإتساع، في ظل عدم وجود قوة إسلامية رادعة يمكن الإتكاء عليها للتصدي للهمجية الحديثة التي تقف خلفها دول رئيسة في مجلس الأمن ودول أخرى حليفة لها.
 
الأنظمة العربية تمارس إرهابا حقيقيا بحق مواطنيها، في إطار دورها المزعوم الحرب على الإرهاب، وجرائمها تضاهي جرائم الدول الغربية وقد تتفوق عليها أحيانا، ولاغرو في ذلك فهي ليست إلا أداة بيد هذه القوى لإخضاع الشعوب وسلب إرادتها وحقها في تقرير مصائرها، ولذلك لا نستغرب أن نجد تأييدا دوليا وعربيا لبقاء من وصفه ترامب "بالحيوان" رئيسا لسوريا بعد أن قتل وشرّد ونكّل بملايين المسلمين في سوريا، لدرجة أن رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو أعلن أكثر من مرة أن "إسرائيل ليست لديها مشكلة مع نظام الأسد وإنما مع الميليشيات الإيرانية فقط" ويوافقه في ذلك حكام أبوظبي والرياض.
 
لقد أصبح من الصعب جدا المقارنة بين أفعال الجماعات المتهمة بالإرهاب، وبين أفعال الأطراف التي تزعم محاربة الإرهاب، حينما نجد أن نسبة الجرائم الإرهابية التي ترتكبها بعض الجماعات، تعد قطرة صغيرة، في بحر كبير، مقارنة بالجرائم الإرهابية التي تقوم بها الدول، والتحالفات العسكرية، والأنظمة القمعية، فضحايا الحرب المزعومة على الإرهاب يبلغ مئات أضعاف ضحايا الجماعات التي ينعتها الغرب "بالإرهاب".
 
الحرب على الإرهاب أصبحت اليوم تجارة مربحة للقوى الغربية لتصدير أسلحتها العسكرية، وتعزيز نفوذها في قلب المنطقة الإسلامية والعربية، وتمكين الكيان الصهيوني من أرض فلسطين، والتخلص من أكبر قدر من المسلمين بأيدي تزعم انتماءها للإسلام، وبنفس القدر أيضا أضحت الحرب على الإرهاب ورقة رابحة للأنظمة العربية لتحريكها متى ما أرادت لمواجهة تطلعات وآمال الشعوب، والاحتفاظ بالسلطة وتوريثها للأبناء والأحفاد.
 
الحرب على الإرهاب تعد أكبر عملية إرهاب يتعرض لها المسلمون في أكثر من بقعة جغرافية، ولازالت تحصد أرواح العشرات منهم يوميا، ومع ذلك أضحت هذه الأكذوبة تلقى قبولا وترحيبا في أوساط كثير من النخب السياسية والفكرية وتحاول تسويقها شعبيا، لكن هذه الكذبة لم تعد تنطلي حتى على المواطن البسيط، وهو ما سيدفع القوى الكبرى لتسويق مصطلحات جديدة تتواءم مع أهدافها ومخططاتها مستقبلا.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر