تقوم الإمامة والتشيع بشكل عام على المظلومية المفترضة لعلي بن ابي طالب ونسله وفي مقابل مظلومية هؤلاء في الاعتقاد الإمامي والشيعي يوجد ظلمة وطاغوت يجب ان يقاتلوا لإجرامهم المزعوم بحق علي. أي أن العدو الأبدي للشيعة وللإمامة هم المسلمون خارج دائرة التشيع.
 تتلخص جوهر المظلومية الشيعية والإمامية بأحقية علي بن أبي طالب بالنبوة ويتركز هذا الحديث في ايران والعراق والاثني عشرية بشكل عام ومنه نسجت العصمة لأئمتها.

 رأت الإمامة الهاشمية الناتجة عن الجارودية المظلومية بشكل أكثر دهاء ا إذ تعتقد بصحة نبوة محمد ص لكنها لا تقبل ختمها وانتهاءها به حيث تصر على استمرار النبوة بالوصية بالحكم والعلم والامتياز وتفسير القرآن لعلي وذريه الحسن والحسين وتجعلهم قرناء القرآن أي انهم وأفهامهم جزء من الوحي كالقرآن تماما. والقرآن و توجيهاته وقيمه هو جوهر النبوة. بمعنى ان الحوثية والإمامة بشكل عام ترى نفسها جزءا من النبوة. والايمان بنبوتها شرط الإسلام وتحشد في سبيل ذلك توليفة متناقضة من الأدلة وتبني إيديولوجية متوحشة وعنصرية.
 
 ولما كانت الإمامة بهذا الشكل فإن ذلك يترتب عليه شرك بوحدانية الله وألوهيته؛ حين يكون كلام حسين الحوثي وأعلام بني هاشم بنفس حجية القرآن كما تعتقد الإمامة. وطعن بنص القرآن القائل بإكمال الدين "اليوم أكملت لكم دينكم" واعتداء مطلق على عدل الله ووحدانيته بادعاء الألوهية لبني هاشم كما تفعل الحوثية مع الهالك حسين الحوثي والكهنوت عبدالملك الحوثي واستعباد الناس، ومخالف للفطرة البشرية ومصالحها.
 
 والثابت في الصراع الدائر حاليا أن الإمامة والتشيع بشكل عام قد حسم الصراع لصالحه أمام القومية والأممية في عدة بلدان بالمنطقة. وتحول اليسار والقوميون إلى مقاتلين في صفها في عدد من بلدان العالم العربي.
 
في اليمن  برز التيار الديني والوطني (السلفيين والاصلاحيين والسكان في مناطق نفوذ هؤلاء) لمواجهة الإجرام الإمامي الحوثي إلا أن الانتصارات العسكرية الجزئية التي حدثت في الخارطة المذهبية المناهضة للإمامة كعدن والجنوب وتعز ومارب والجوف وتهامة يمكن أن تنتكس إذا لم تواجه أساس الإمامة والتشيع الفكري ويتمثل ذلك في نفي مظلومية علي وذريته.
 
ومدخل ذلك رفض حصر الحكم بقريش بأي طريقة كانت، والانتقال إلى نزع القداسة الدينية عن أصحاب النبي محمد ص والتعامل معهم كبشر عاديين يخطئون ويصيبون ولا حجية ملزمة لسلوكياتهم وتصرفاتهم، دون القدح فيهم.
 
وفي حال علي رضي الله عنه يمكن القول – بناء على ما ذكرته كتب السير- إنه كان شخصا عاديا مثله مثل غيره من الصحابة لا يمتلك قوى خارقة ولا غيبية لا بدنية ولا دينية أو علمية، وسعى إلى الحكم مع عمه العباس قُبيل وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم كأي بشر يسعى إلى الحكم.
 
وأنه اجتهد فأصاب وأخطأ خاصة أثناء توليه الحكم، وأنه استعان بمجموعة كانت مشاركة في قتل عثمان وانتقل مع مجموعة كبيرة منهم إلى الكوفة كأنصار له وأنه خاض حروبا كثيرة مع عدد من الصحابة مثل الزبير ابن العوام وطلحة بن عبيدالله وأم المؤمنين عائشة، وأن اجتهاد علي في قتالهم كاجتهاد هؤلاء أيضا في قتاله، وأن قول مثل هذا الكلام نقلا عن التاريخ لا يعني طعنا بشخصية علي ابن أبي طالب كما ليس طعنا بغيره، ذلك أنهم في الأساس بشر لهم ميولهم الطبيعية نحو الحكم وهم غير معصومين من الخطأ، وأن عليا خالف عمر الذي رفض إشراك أبنائه في الحكم أو التولي وأن الحسن والحسين أول ابنين للصحابة سعيا للحكم خلفا لوالدهما.
 
وأن قتال علي مع معاوية وفشله في الانتصار عليه أدى إلى انشقاق مقاتلي جيش علي عنه واشتعال المعارك مع أتباعه أكثر من مرة، وأن قاتل علي كقاتل الزبير تماما وهو اجتهاد من قبل الفاعلين كاجتهاد علي والزبير وطلحة وعائشة في حربهم ضد بعضهم بعضا حسابهم على الله تعالى.
 
والقول إن نمو الدولة العربية التي نشأت على يد أبي بكر الصديق ونمت وتوسعت في عهده وعهد الخلفيتين من بعده عمر وعثمان قد ارتكست في عهد علي لكثرة الخلافات والحروب الداخلية وتوقفت الفتوحات، وأن عقيل بن أبي طالب وكثيرا من الصحابة فضلوا أسلوب معاوية في الحكم على علي. وأن أكثر أنصار علي كانوا من الفرس بحكم نقل مقره من المدينة إلى الكوفة في العراق التي كانت تتبع فارس المنهارة حديثا.
 
وأن رفض شيطنة معاوية ويزيد ابنه مهم جدا لنزع المظلومية المزعومة بحق علي وبالتالي اعتبار ما حدث من صراعات في ذلك الوقت لا تقدم ولا تؤخر إلا في حال كان الصراع المترتب عليه أحد طرفيه شيعي أو إمامي هاشمي فإنه من المهم نسف الخرافات وأحقية علي في ذلك الصراع.
 
كما أن التاريخ الواصل إلينا عن هذه الحقبة هو تاريخ غير حيادي ومدون بطريقة تتداخل فيه الميول والاعتقادات والانتماءات وقابل للنقد والفحص والمراجعة والتصويب ومتأثر جدا بالدوافع الفارسية.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر