دولة بلا ميزانية دولة عصابات


مصطفى ناجي

تتفاوض الحكومة اليمنية مع البنك الدولي من اجل الحصول على قرض مالي بمبلغ 3 مليار دولار من اجل دفع المرتبات كما تنقل الصحافة مقابل تسليم ايرادات النفط والغاز للبنك الدولي في صيغة مباشرة هي الرواتب مقابل النفط.
 
وامام هذا الخبر يجدر بنا الالتفافتة الى الملحوظات التالية:
اولا، ان التفاوض يأتي في النصف الثاني من السنة المالي 2018 اي بعد مرور نصف السنة المالية والاقتراب من تقديم الموازنة وإعداد ميزانية العام القادم. وعلينا ان نتساءل كيف سارت الأمور في النصف الاول؟
 
ثانيا، وبناءً على أولاً، ان الحكومة أعلنت ميزانية مبهمة للعام 2018 بمقدار مصروفات ثلاثة مليار دولار وبعجز مالي يصل الى ثلث المبلغ تقديرا منها ان الايرادات ستصل الى ملياري دولار. فلماذا تطلب ثلاثة مليارات دولار.
 
ثالثا، ان التفاوض يقوم على أساس تسليم رقبة البلاد رهنا لمبلغ لن يأتي الا بشروط مجحفة في لحظة ما تزال المعركة العسكرية قائمة والحكومة مدعومة بتحالف عسكري إقليمي هو الاول من نوعه منذ عقود والاولى ان الدعم الاقليمي يتضمن دعما إنسانياً وعسكريا واقتصاديا حتى لا يخضع العمل العسكري لشروط المقرض الدولي معلوم الموقف من الحرب في اليمن. اي ان التفاوض لا يسلم رقبة اليمن فقط للمجتمع الدولي ولكن يخضع الإرادة الاقليمية معه لشروط الدول المانحة ويقدم لها ورقة ضغط إضافية على دول التحالف.
 
رابعا، ان المبلغ المطلوب في التفاوض يساوي الميزانية المبهمة المعلن عنها بداية العام بينما كان العجز في الميزانية التقديرية الثلث وهذا يعني انه لا وجود لميزانية بالمرة. وعليه يمكننا ان نجزم بالتالي:
 
للعام الرابع على التوالي والحكومة لم تنشر ميزانية عامة للدولة وتوضح الإيرادات والمصروفات وتريد منا ان نصدقها انها تحارب من اجل استعادة الدولة.
 
بل ويزعجها الحديث عن فسادها. كان صالح وزبانيته يواجهون الحديث عن فسادهم بانه استهداف للوطن حين كان صالح هو الوطن وتجند حزب المؤتمر بقضه لهذه الكذبة المخزية. سلطة الْيَوْم في الحكومة الشرعية عاجزة عن تمثل وتمثيل الوطن وتقودها نزعاتها المناطقية وانتهازيتها الحزبية فترى ان الحديث عن فسادها هو استهداف مناطقي بالنسبة للأخوة الجنوبيين او استهداف للأحزاب كما هو الحال مع حزب الإصلاح والحزب الناصري.
 
تسيير شؤون الدولة دون توضيح ميزانية فيها الحد الأدنى من الشفافية هو عمل عصابة وفِي هذا لا تختلف الحكومة الشرعية عن الحوثيين.
 
يعلن الإخوة في التحالف تقديمهم مساعدات لليمن تصل قيمتها الى ستة عشر مليار دولارا. بينما تصمت الحكومة اليمنية امام هذا الرقم المهول الكفيل بإعادة الحياة لليمن وانعاشه. لا صمت الممتن ولكن صمت المذنب. هذا لأن الحكومة ملزمة تجاه الشعب بالتوضيح. فالرقم كبير بينما المأساة الانسانية حرجة وتهدد بكارثة ومجاعة كما ان الاقتصاد في اسواء حالاته والعملة اليمنية تهوى. ولن نخوض في الحديث عن الخدمات الاساسية المتردية.
 
لنتذكر ان المنظمات الدولية هي الاخرى تستهتر باليمنيين وتتاجر بمأساتهم ووصل الامر ببعض المنظمات ان استجلبت قمحا فاسدا.
 
وهذا الفساد يعكس فساد الشرعية التي جعلت المؤسسات الإيرادية إقطاعات خاصة بأمراء الحرب وامتهنت التسول والاستدانة بلا مسؤولية بينما مؤسسات سيادية إيراديه لا أحد يعلم عنها اي تفاصيل بعد ان استحوذ نَفَر عصبوي في الحكومة الشرعية على قطاعات النفط والنقل والموانئ والمنافذ والمالية.
 
يتركز النقد على الحكومة الشرعية لأنها أمل الناس في الخلاص من كابوس الحوثية الأفسد والاجرم ولان مئات الأرواح الشابة تقدم نفسها فداء وتموت في الجبهات بلا حقوق ولا اعاشة ولا تكريم بينما يعيث المسؤولون واولادهم فسادا وفنقا. ويعيش مجمل اليمنيون بلا رواتب ولا مداخيل ولا رعاية.
 
وأخيرا، التفاوض على قرض بمقدار الميزانية يوضح التنافر في عمل التحالف الذي يتدخل عسكريا ويقوض الدولة اليمنية اقتصاديا والا ما معنى تسليم موارد الدولة النفطية لمؤسسة دولية وتقزيم المناورة السياسية بينما الحليف العسكري مقتدر على تجاوز هذا الإجراء.
والحقيقة ان التفاوض بقدر ما هو سوء إدارة وتصرف فانه مناورة سياسية داخلية تستبق اي استقطاع الموارد النفطية على اسس مناطقية او انفصالية.
 
 
*من صفحة الكاتب على الفيسبوك

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر