ارتبطت المجاعة والأوبئة المختلفة التي فتكت بأجساد اليمنيين بحكم الأئمة الذين حكموا اليمن بالنار والحديد والتخلف منذ 284 هجرية وحتى ثورة 26 سبتمبر 1962م التي أطاحت بحكمهم من شمال البلاد.

 

لقد عاش اليمنيون في كنف نظام الأئمة في حالة من الفقر والمجاعة والأمراض المعدية، وظلت هذه هي السمة الطاغية الغالبة لحكمهم مع تعاقب دويلاتهم حتى اليوم وكأن التاريخ لم يتغير.

 

في كتابها «كنت طبيبة في اليمن» تكشف الطبيبة الفرنسية كلودي فايان التي عملت في اليمن ما بين 1950و1951 صورة قاتمة ومخيفة عمّا كان عليه الحال قبل قيام النظام الجمهوري بـ12 عاماً، وكيف كانت البلاد مغيبة عن العالم من حولها.

 

لقد كانت المجاعة والأمراض الفتاكة تقتل اليمنيين بحسب فايان بشكل لم تره ببلد آخر وسط تخلف وعدم اكتراث من قبل الأئمة لحال من يحكمونهم.

 

في ذلك الوقت كان 50 في المائة من المواليد عرضة لخطر الموت لانعدام خدمات الرعاية الصحية والمستشفيات والأطباء الذين لم يتجاوزوا عدد أصابع اليد وأغلبهم أجانب.

 

هذه الشهادة من طبيبة أجنبية تميط اللثام عن الجانب المظلم من تاريخ اليمنيين، وتضيف لأقوال الأئمة أنفسهم ما يدينهم، لاسيما رد أحدهم على شكوى تفشي المجاعة وموت الناس بأن من مات فهو شهيد.

 

بعد 54 عاماً على القضاء على حكم الأئمة، تتكرر المآسي التي عاشها اليمنيون مع عهد حكم الحوثي الذي يعتبر امتداداً لهم ويفاخر بذلك دونما اكتراث للمتغيرات السياسية والاجتماعية والثقافية التي حصلت في البلاد.

 

تقارير المنظمات الدولية تقرع أجراس الخطر من المجاعة التي تقتل اليمنيين بصمت غرب البلاد والأمراض كالكوليرا تتمدد وتزهق الأرواح بأكثر من محافظة يمنية بعدما نهب الحوثيون مخصصات الصحة لصالح مجهودهم الحربي.

 

صور المجاعة القادمة من تهامة غرب اليمن لم نر لها مثيلاً إلا بإفريقيا، أجساد هزيلة أنهكها الجوع وهياكل عظمية غيَّرت ملامح أصحابها، وأطفال يموتون أمام أمهاتهم.

 

أكثر من 21 مليون يمنيّ بحاجة للمساعدات العاجلة من إجمالي 26 مليون هم سكان البلاد وسبعة ملايين يفتقرون لمياه الشرب النظيفة، ومليونا طفل يعانون خطر الموت من سوء التغذية، وفوق هذا ظهرت الكوليرا في خمس محافظات ما يتطلب 23 مليون دولار لإنقاذ الوضع الصحي، بحسب مناشدة الصحة العالمية.

 

نحن أمام كارثة إنسانية وصحية غير مسبوقة مستمرة لا يمكن توقع نتائجها المخيفة في ظل العجز الدولي عن احتواء الوضع وتداعياته والتخفيف من معاناة المدنيين.

 

خلاصة القول التي لا يجب أن ننساها أو نغفلها في تحليل أسباب هذه الكوارث أن انقلاب الحوثي وصالح وابتلاع الدولة وتحويل أموالها لتمويل حروبهم ضد اليمنيين أنتج الحرب الذي أنتجت المجاعة والأمراض المختلفة.

 

*العرب القطرية

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر