أنسى قلبي وبطاقة الهوية


مصطفى ناجي

في رحلة طويلة من الشرق الى الغرب الفرنسي. هذا الصيف فريد. انه حار ومحرّض. وفتنة البسيطة لا تنتهي في التلال حيث أرتال الكرم الداليات والسهوب الخضراء وحقول القمح الذهبية.
 
سيمضي بِنَا القطار السريع على شكل قوس نحو الشمال ثم ينحدر نحو الجنوب غربا. الجنوب هنا يعني الشمس والبحر والنبيذ والزيتون. الجنوب أيضا هو الإجازة والمرح ومهرجانات الفن والأغاني. وهو أيضا سلة الفاكهة والغانيات.
 
يبث قطار الرحلات الطويلة الكثير من الاستيهامات والفانتازيا. لكن ضحكات أو صراخ الأطفال تقطع حبل الذهن الشارد. يمخر القطار الارض سريعا. وانت من النافذة تسافر في التلال كطائر الباتروس.
 
قبل يومين في رحلة وسطى تأخر القطار السريع القادم من مارسيليا الى ستراسبورج ساعة ونصف. قضيت وقت التأخير في محطة بيزانسون على أريكة مخصصة للاسترخاء مزودة بتسجيل صوتي رجولي هادي ورصين يساعد على ازجاء الوقت.
 
كان يطلب مني الاستعداد لتلقي صوت قرع الجرس لشد التركيز نحو نقطة الاسترخاء. كنت قد اتبعت التعليمات حتى وصلتني الرنة وقفزت من الأريكة. الحقيقة أني كنت انتظر قذيفة كاتيوشا أطلقها جنود الرب على رابية من روابي تعز. لقد خسرت رهان الاسترخاء.
 
فاتني القطار الأخير من ستراسبورج بسبب التأخير واقترحت على شركة سكة الحديد سيارة تاكسي. في التاكسي ركبت الى جوار السائقة. قصيرة مرحة. وكنت مع مسافر اخر قد سبقها الى التقاعد بأعوام قليلة.
 
في الطريق، تسوق السيدة سيارتها بسرعة تتجاوز ال ??? وتصرخ ضاحكة: الى الجحيم. ثم أردفت. لست أخشى سحبهم رخصة القيادة مني. سأقترح عليهم عدم شطب نقاط من الرخصة ولكن إيداعي السجن. لعلي في السجن احتك بمجرمين واتعلم مهنة بيع الممنوعات وأربح أكثر من عملي هذا. لقد سئمت هذا العمل وانا في الستين.
 
يصل القطار السريع محطة في المنتصف ويعلن عنها القبطان وينبه النازلين الى عدم نسيان أي من اغراضهم. هل يمكنني ان أنسى قلبي هنا وارحل؟ أو أنسى بطاقة الهوية؟
 

*من صفحة الكاتب على فيسبوك

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر