‏تفاديا للفوضى


مصطفى ناجي

الأخبار القادمة من جبهات المواجهة مع الانقلابين طيبة. فكل شبر يتم استعادته من قبضة هذه العصابة المغتصبة للحكم هو إسهام غال من الجنود والضباط والمقاتلين في سبيل استعادة الجمهورية من خاطفيها.
 
ومعركة الساحل الغربي تحقق انتصارات خاطفة وهامة. وربما حسن التدبير واكتمال الغاية ونضج النية بالإضافة الى الخصائص الجغرافية للمنطقة وتوظيف العتاد المناسب هم وراء هذه الانتصارات وهذه كلها لا تغني عن الرجال الخلص.
 
الا ان المسار العسكري يسير جنبا الى جنب مع المسار السياسي. ونحن على مرمى حجر من بداية محاولة سياسية جديدة للمبعوث الاممي الخاص الى اليمن.
 
وانطلاقا من مراقبة لصيقة لمسارات المعركة في اليمن فإني اتوقع ان تتوقف هذه العملية العسكرية.
 
نعم قد تتوقف الحشود العسكرية في الساحل الغربي عند مسافة تماثل مسافة جبهة نهم من صنعاء لإعطاء نَفَس لعملية السلام الجديدة.
وهذه مناورة سياسية عالية الثمن انسانيا على ملايين اليمنيين الرهائن بيد الحوثي. لكن اقتحام الحديدة واستعادتها دون ترتيب من الحكومة يعني تركها فريسة للفوضى كعدن.
 
وقد يقول قائل ان الخارطة السياسة في الحديدة مختلفة كليا عنها في عدن. حيث لا ووجود لكيانات سياسية موازية للحكومة ولا فصائل عسكرية.
 
نعم مع الكثير من التحفظ. لكن سيكون هناك فراغ دولة واضحة ملامحه حيث الحكومة في الرياض وليس لديها غير محافظ للحديدة وفقدت الصِّلة بالسلطة المحلية في كل مناطق نفوذ الحوثي.
 
معركة الساحل مفخرة لأنها نصر عسكري لكنها لا تمثل امتحانا لقدرات الدولة في إدارة المناطق الحضرية.
الريف يعيش على هامش الدولة منذ فترة. بمعنى ان تقصير الحكومة في إدارة الشأن العام في الريف لا يكون جليا. ليس في الريف فقط ولكن في المدن الثانوية والصغيرة. ولنا في الضالع مثالا على ذلك حيث ما تزال المدينة والمحافظة ترزح تحت وطأة سوء اوضاع واختلالات أمنية. بل من المخزي جدا ان تظهر هذه المحافظة ومثلها مناطق واسعة في لحج ضمن خارطة المناطق الأكثر عرضة للمجاعة وانتشارات للأوبئة.
 
لكن لنفرض ان العملية العسكرية استمرت واستولت على الميناء البعيد قليلا من المدينة على عكس ميناء عدن.
 
فإننا في هذه الحالة اولا امام انتصار هش جدا لان ما وراء الميناء هو البحر وليس البر وليس من المعقول اخذ نتفة من البر والاتكاء على البحر في مواجهة جماعة عسكرية صلفة لديها العتاد الكافي لمهاجمة الميناء ومن فيه وتدميره كليا كما فعلت من المنشآت الحيوية لطالما لم تعد تدر عليها دخلا.
ثانيا يعني الاستهتار بمصير سكان الحديدة والتعامل مع المعركة في اليمن دون الاعتبار للمواطن.
 
وتفاديا لأي مِن المخرجين ارى ان تكون المعركة متجاوزة الحديدة ميناء ومدينة ومحافظة بكلها وايضاً الترتيب لما بعد استعادة الحديدة وتوفير طاقم إدارة المنشآت الحيوية وتثبيت الأمن وتعزيز حضور الدولة والقضاء على التنازع المميت بين الفصائل التي قاتلت الحوثيين ثم تحولت الى الاقتتال فيما بينها كما هو شأن تعز حاليا.
 
التوفيق والسداد والنصر لكل القائمين على معركة الساحل.

*من صفحة الكاتب على فيسبوك

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر