المحاولة الإماراتية لتقسيم اليمن وإعادة صياغة الجنوب بناء على مخيلة إماراتية ضيقة الأفق وبلا خبرة مقابل علب الرنج والنيدو في الجنوب منذ تحرير عدن والمحافظات الجنوبية من انقلاب الإمامة السلالية ارتدت على أعقابها خاسرة، لتفتح الطريق واسعا لعودة خيار الوحدة كخيار لا يمكن تجاوزه بأي حال من الأحوال.
 
ورغم إنشاء الإمارات مليشيات عسكرية تتبعها مكونة من توليفة خطرة من مأجورين من جنوب اليمن بمبالغ زهيدة بدون أي اعتبار لهوية ضاربة في التاريخ وكرامة لشعب اليمن وتاريخه فإن ممارساتها تلك  أعادت إحياء الشعور القومي اليمني بجنوب اليمن واعتبار الوحدة طريقا لا بديل عنه ليس من قبل الأحزاب السياسية الوحدوية فقط ولكن من داخل تيارات الحراك التي كانت تسعى يوما للانفصال.
 
التخلي عن طريق الانفصال لم يكن خيارا طارئا بل خيارا ممتدا حاولت الإمارات تغييبه، ولكن السلوك الإماراتي مع مجموعة من القادة الجدد في الجنوب مثل عيدروس الزبيدي وهاني بن بريك وشلال ومجموعة أخرى تهتف ليل نهار لحكام الإمارات وتتفاخر بخدمتها على الملأ وباستعدادهم لتحولهم لمرتزقة مدافعين عن الإمارات ومطالبتهم لها بضم الجنوب للحكم الإماراتي شكل صدمة كبرى من مشروع الوهم باستعادة الدولة ذلك أن دولة اليمن الديمقراطية كانت يمنية ونشأت على أسس التوحيد مع الشمال ولها الفضل الأكبر في توحيد اليمن.
 
وشكل موقف مرتزقة الإمارات الجدد في الجنوب من المجلس الانتقالي وأمثالهم المؤيد للسلوك الإماراتي والمبرر له في سقطرى سقوطا أخلاقيا وسياسيا يجرح كرامة الناس ومشاعرهم ويفرط بأرضهم بلا مبرر على الإطلاق.
 
ومن أقصى أرض يمنية في المحيط الهندي تحاول الحكومة اليمنية بدعم شعبي غير مسبوق من الجنوب (على الأقل منذ تحرير عدن) دحض المشاريع الانفصالية عبر ضرب الداعم الرئيسي له في الوقت الحالي المتمثل بالإمارات وتصعيد خطابها الدبلوماسي ضدها وصل إلى حد اعتبار القوات الإماراتية في سقطرى قوات محتلة تنازع الحكومة السيادة.
 
المظاهرات الشعبية الكثيفة في سقطرى تحت ظلال راية الجمهورية اليمنية لم تقتصر على مؤيدي الوحدة فقط، بل امتدت لتشمل قيادات كانت ضمن المجلس الانتقالي الجنوبي الذي مولته الإمارات لتمرير مخططاتها وأطماعها. مثل  السلطان بن عفرار الذي رفض ليس الوجود الإماراتي فحسب ولكنه رفض الانفصال برمته وقبله موقف اللواء فرج البحسني المنشق عن المجلس الذي رفض أن تكون النخبة العسكرية التي يقودها مليشيات وأصر على أنها مؤسسة دستورية تتبع مؤسسات الدولة اليمنية وتخضع لأوامر هيئة الأركان و الدفاع والقائد الأعلى.
 
قبل سقطرى كانت احتفالات أبين في ذكرى26 سبتمبر العام الماضي تعبير عن خيار شعبي متجذر مؤمن بالوحدة، وقبل اسابيع قليلة كانت حضرموت تفرش البساط الأحمر لرئيس حكومة الجمهورية اليمنية كترجمة لخيارات مؤتمر حضرموت الجامع الذي أقر الوحدة مع تصحيح اختلالات احتكار السلطة.
 
وعليه صار يمكن القول بثقة إن الوحدة اليمنية تعود مجددا من الجنوب بقوة أكبر كاستمرار لطريق خطته ثورة 14اكتوبر الخالدة بهوية يمنية راسخة. بعد أن عاش الشعب هناك في   تحت حكم التمزيق واللادولة  ثلاث سنوات، شاهد فيها كل أنواع الاستبداد والظلم والخطف والاغتيالات وانعدام الأمن والتنمية وأكثر من ذلك تجريف الهوية ومسخ الكرامة وتجريم الحرية.
 
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر