الريال اليمني في أسوأ حالاته.. أسباب الانهيار وحلول الإنقاذ (تقرير خاص)

[ مقر البنك المركزي بعدن ]


واصل الريال اليمني تراجعه إلى أدنى مستوياته أمام العملات الأجنبية خاصة الدولار الأمريكي حيث بيع الدولار الواحد بـ400 ريالا في صنعاء و390 في عدن وسط توقعات باستمرار تدهور قيمته الأمر الذي سيؤدي لانعكاسات سلبية على الأسعار وأحوال المواطنين.
 
ومنذ الأسبوع الماضي، سجّل الريال تدهورا لأدنى مستوى على الإطلاق بعد مرور قرابة شهرين على قرار البنك المركزي اليمني في منتصف أغسطس الماضي تعويم العملة المحلية، وتحديد سعر صرفها عند 370 ريالا مقابل الدولار.
 
وأرجع مسؤولون وخبراء اقتصاد تدهور العملة الوطنية إلى مضاربة التجار ومحلات الصرافة التي انتشرت بشكل كبير بدون تراخيص بالعملة الصعبة المنخفضة أصلا بالسوق اليمنية، وعجز البنك المركزي عن القيام بمهامه لعدم وجود الأدوات التي تمكنه من ضبط السوق إلى جانب عوامل أخرى.
 
واتهم البنك المركزي اليمني، قبل يومين، المضاربين بالتسبب في هبوط سعر صرف العملة المحلية، مطالباً بالتصدي لمن وصفهم بـ"العابثين والمتلاعبين بالعملة المحلية".
 
ولوحظ في الأيام الماضية ارتفاعا كبيرا في أسعار السلع بنسبة وصلت في بعض السلع إلى 40% نتيجة لتراجع قيمة الريال ما سيضاعف معاناة اليمنيين الذين يحتاجون 17 مليون منهم لمساعدات عاجلة ويواجه من بينهم سبعة ملايين خطر المجاعة وفق الأمم المتحدة.
 
خطوات حكومية
 
وفي مسعى حكومي لوقف تدهور العملة، يعقد البنك المركزي بعدن الأحد القادم لقاء مع ممثلي كافه البنوك وجمعية الصرافين في المحافظة بمشاركة وكلاء الدوائر لمناقشة سبل الحد من هذا التدهور المتسارع لسعر صرف الريال ووضع المعالجات اللازمة.
 
وفي هذا الإطار، أكد رئيس الحكومة أحمد عبيد بن دغر، على ضرورة إغلاق كافة محلات الصرافة الغير مرخصة وضبط التلاعب بصرف العملات ومخالفتها للتسعيرة المقرة من قبل البنك المركزي.
 
وشدد خلال لقائه اليوم الخميس برئيس مجلس إدارة البنك الأهلي اليمني الدكتور محمد حسين حلبوب، على ضرورة اتخاذ المعالجات الضرورية العاجلة لضمان استقرار الريال اليمني والحد من تدهوره ومنع التلاعب بأسعار الصرف.
 
وأكد أن الحكومة اتخذت عدد من الإجراءات التي تضمن الحفاظ على قيمة العملة وعدم تدهورها وقامت بشراء المشتقات النفطية بالعملة الصعبة من مواردها وسوف تستمر، محذرا المليشيات الانقلابية من التلاعب بسعر الريال.
 
وأشار إلى أن إهدار الاحتياطي النقدي المقدر 5،2 مليار دولار تسبب في الكارثة الاقتصادية التي تعيشها بلادنا بالإضافة إلى عدم التزامهم بتوريد الإيرادات الى البنك المركزي وعبثهم بالإيرادات التي يحصلون عليها .
 
 أسباب الانهيار
 
في مقال تحليلي له نشره على صفحته بموقع فيسبوك سرد د. محمد حسين حلبوب، رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي بعدن عدة أسباب لانهيار الريال اليمني أولها " توقف الأمطار الموسمية في منتصف سبتمبر مما يؤدي إلى ارتفاع الطلب على المشتقات النفطية — الديزل على وجه الخصوص– وهو الأمر الذي يودي إلى زيادة الطلب على شراء العملات الاجنبية لاستيرادها".
 
والسبب الثاني – وفق حلبوب وهو أستاذ في الاقتصاد أيضا – " أن عودة المغتربين إلى أعمالهم ( مَدينين ) بعد انفاقهم ما جمعوه واقتراضهم لقضاء اجازاتهم الصيفية في اليمن يؤدي إلى انخفاض تحويلاتهم لكون معظمهم ( يسدد السلف الذي عليه ) وهذا الأمر يقلل العرض من العملات الأجنبية في السوق".

 
وهناك سبب ثالث يتمثل بوجود عبث كبير يمارسه الانقلابيون في صنعاء بإصدار شيكات بدون رصيد لشراء الدولار من السوق والمضاربة به وتمويل المجهود الحربي ودفع نصف راتب للموظفين في مناطق سيطرة الانقلابيين ما يرفع الطلب على العملات الأجنبية وأوجد فارقا كبيرا بين سعر صرف الدولار ( كاش ) وسعر صرف الدولار ( بشيكات ).
 
وألقى المسؤول بجانب من المسؤولية على الحكومة الشرعية نتيجة توسعها في دفع المرتبات وتنفيذ مشاريع كثيرة في معظم المحافظات المحررة دون أن تملك ما يكفي من الموارد ما أدى إلى ارتفاع الطلب على العملات الأجنبية أيضا.
 
وبالنسبة لدور البنك المركزي، يقول حلبوب، إن البنك لم يتدخل في السوق سواء من خلال سحب السيولة أو عبر بيع ( أذون الخزانة والسندات الحكومية وشهادات الايداع والصكوك الاسلامية ) بالإضافة إلى عدم تعزيز أرصدة البنوك المحلية في الخارج من واقع حساباتها الدائنة لدى البنك ما يضطرها لشراء الدولار من السوق المحلية وهو ما يزيد الطلب ويرفع الأسعار.
 
ويضيف المصدر ذاته عاملين دوليين لما سبق الأول تأخر المنظمات المالية الدولية في الدعم المستحق للبنك المركزي اليمني من صندوق النقد الدولي وذلك انتظارا لموقف دول مجموعة أصدقاء اليمن، والثاني تأخر البدء في تنفيذ خطة التعافي وبرنامج إعادة الاعمار لأسباب مجهولة.
 
 تحذيرات ومقترحات
 
من جانبه، يرى مدير مركز الإعلام الاقتصادي مصطفى نصر أن تدهور العملة اليمنية يرجع أساسا إلى المضاربة بالعملة الصعبة وتحديدا الدولار، مؤكدا أن هذا التدهور سيستمر طالما أن عائدات البلد من العملة الصعبة متوقفة.

وأشار في تصريحات صحافية إلى أن ظهور ما وصفها بـ" مافيا كبيرة" في سوق الصرافة، سواء في صنعاء أو عدن، وتحكمها بسوق الصرافة وتداول وبيع العملة الصعبة ساهم بهذا التدهور بشكل كبير.
 
وحمّل الأجهزة الرسمية وخاصة البنك المركزي اليمني، جزءا من المسؤولية لأنها باتت مغيبة عن التحكم بسوق بيع وشراء العملات، ولذلك فإن المضاربين بالعملة الصعبة من تجار الحروب الذين أنشؤوا محلات صرافة جديدة، باتوا يرون في المضاربة تجارة مربحة لهم.
 
وأوضح نصر أن تدهور الريال اليمني ينعكس مباشرة على معيشة المواطنين، حيث يزيد غلاء الأسعار لكافة السلع والبضائع، وهذا سيقود إلى تضخم كبير سيعاني منه الفقراء، وهو ما قد يفاقم خطر كوارث المجاعة التي بدأت في مناطق مختلفة من البلد.
 
وقال إن عدم حصول اليمن على الكمية الكافية من العملة الصعبة لشراء احتياجات البلد من الخارج سيؤدي إلى استمرار تدهور العملة المحلية وغلاء الأسعار بشكل كارثي.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر