تنشط نخبة حقوقية وفنية يمنية مؤخراً في تسويق فكرة "الأطراف المتحاربة" وتدور حول إدانة جميع هذه الأطراف، وتركز نشاطها الحقوقي والفني في الحديث عن تداعيات وآثار الحرب بازدواجية تخضع لخلفيات سياسية واجتماعية وأيديولوجية وعرقيٌة، متجاهلة أسباب الحرب، ولماذا المأساة؟

هذه الإدانة لجميع الأطراف وفائض المشاعر التي تبدو أقرب إلى الزيف والحديث عن حرب دائرة بين أطراف جميعها بدوافع غير وطنية ونبيلة، هي في حقيقتها انحياز لصالح أسباب الحرب وللطرف الذي أشعل الحرب.
 
إنحيازات ومواقف يمكن القول إنها تتساوق مع خطاب الإعلام الغربي حيال القضية العربية، والأحداث الجارية في المنطقة العربية وبلدان الربيع. إذ يكرس الإعلام الغربي خطاب يعرف ما يجري بصرعات أهلية، يصبح الكل فيها مدان ومتورط وظالم.
 
هذا الخطاب يلغي مبدأ الحق في الحرية، والحرب من أجل الكرامة والحقوق والعدالة، ويجرد المقاومة ضد الظلم والهيمنة من تعريفاتها الأخلاقية. بل يتعارض مع الأساس الذي قامت عليه التشريعات الغربية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان (الأمم المتحدة: 10 ديسمبر 1948م)، والذي يشير صراحة إلى دعم تطلعات الشعوب وحقها في الحرية والحياة.

 علاوة على أن الحالة اليمنية مدعومة بقرارات دولية صادرة عن مجلس الأمن الدولي، وعلى رأسها القرار 2216 الداعم للشرعية، والمنصوص فيه على استعادة الدولة وسحب سلاح المليشيات وانسحابها من المدن، وهو ما يعني صراع بين الدولة ومليشيات خارجة عنها، بين انقلاب على إرادة شعب ومقاومة شعبية تساند الدولة وتتطلع للحرية وترفض الظلم وتدافع عن حق الحياة المرتبط أساساً بوجود الدولة من عدمها.

 خطيئة الحياد التي يحملها الخطاب في مثل الحالة اليمنية، والتي تأثرت به نخبة فنية وحقوقية يمنية، يتعامل مع القضية اليمنية كصراع أهلي، ويتجاهل كونها قضية إنسانية وسياسية واجتماعية تمثلها الدولة والمقاومة الشعبية، في مقابل عصابات وحشية إجرامية وجماعات انقلابية وحركات عرقيّة سلالية ومافيا مالية دمرت اقتصاد البلد.
 
سياقات الحرب تشير إلى أن اليمنيين بوصفهم شعب صاحب قضية جوهرها حق الحياة والحرية، بينما النزعة التعاطفية الغربية تتعامل معهم بوصفهم مجرد ضحايا لحرب أهلية لا ينتمون إليها، كما ترى أن جميع المقاتلين المدافعين عن الحرية والدولة مجرد "أرقام وإحصاءات"، وتتعاطف مع اليمنيين بوصفهم مجرد ضحايا لحرب ليست حربهم، وليس باعتبارهم شعب يحمل قضية سياسية وأخلاقية عادلة..

 وهذه نزعة تسلب اليمنيين قضيتهم الإنسانية والسياسية والأخلاقية، التي استدعتهم للانخراط في الحرب تحت ضغط الاضطرار للدفاع عن هذه القضية التي تدعمها القوانين الدولية الإنسانية وتخذلها المنظمات الدولية والإعلام الغربي.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر