تقرير التنمية البشرية (2016)..اليمن: إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم

[ تقرير التنمية البشرية 2016: "اليمن إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم" (يمن شباب نت) ]

 

وصف تقرير التنمية البشرية (2016) اليمن باعتبارها واحده من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، في سياق تطرقه لـ"آثار الحرب والنزاع العنيف على الشباب" في بعض الدول العربية، مستعرضا أبرز الإحصاءات الأخيرة الناجمة عن الحرب الداخلية التي اندلعت في مارس 2015، حيث "أوصل القتال المتصاعد في اليمن، البلاد إلى حافة الانهيار" كما يقول التقرير.

وأصدر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، الثلاثاء 29 نوفمبر، تقريره الخاص بالتنمية البشرية لهذا العام (2016)، تحت عنوان "الشباب في المنطقة العربية: أفاق التنمية الإنسانية في واقع متغير". حيث ركز فيه على فئة الشباب العربي والتحديات والفرص التي تواجههم من واقع المؤشرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية خلال فترة الخمس سنوات الأخيرة، منذ انطلاق ثورات "الربيع العربي"، التي كانت أبرز أهدافهم فيها محاولة إحداث تغيير لواقعهم إلى الأفضل.   

وأنطلق البرنامج الإنمائي في تقريره من الانتفاضات الشعبية التي قادها الشباب العربي في أوطانهم لحاجته الملحة للإصلاح، وقال: "على مدى السنوات الخمسة الماضيّة، يَرفع المزيدُ والمزيدُ من الشباب في المنطقة العربيّة أصواتَهم ضدّ الإقصاء الاقتصاديِّ والاجتماعيِّ والسياسي. واتّضح ذلك من خلال الانتفاضاتِ بقيادة الشباب التي أبرزت الحاجةَ الملِحّة للإصلاح. وقد برز الشبابُ كقوّةِ تحفيزٍ على التغيير في المجتمعات؛ ومارسَت تحرّكاتُهم واحتجاجاتُهم في العديد من البلدان ضغطًا على هياكل السلطةِ التقليديّة".

ويَعرض التقرير – طبقا لمعدية "تحليلا شاملا ومفصّلا للتّحدِّيات التي يُواجهها الشبابُ من حيثُ عمليّةُ التنميّة البشريّة. ويدعو إلى إعادة الشبابِ في المنطقة العربيّة مرةً أُخرى إلى صُلْب الأمور-سياسيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا -بمنْحهم حصةً في مجتمعاتهم".

اليمن في التقرير

وبحسب إطلاع "يمن شباب نت" على تفاصيل التقرير، جاء اليمن في مراتب غالبيتها متدنية وأخرى وسطية، في معظم المؤشرات التي تناولها التقرير خلال فترة السنوات الخمس الأخيرة، في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتفرعاتها التفصيلية.  

إلا أن التقرير خصص إطارا خاصا باليمن، عنونه بـ"اليمن: إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم"، وذلك ضمن فصله السادس: "آثار الحرب والنزاع العنيف على الشباب". استعرض فيه أهم الأرقام للحالة الإنسانية الكارثية التي خلفتها الحرب في البلاد، منذ اندلاعها في مارس 2015، حتى نهاية العام نفسه.

وقال التقرير، الذي يلخص "يمن شباب نت" أبرز ما جاء فيه عن اليمن: "منذ آذار/مارس 2015، أوصل القتالُ المتصاعدُ في اليمنِ البلادَ إلى حافة الانهيار، وأدّى إلى إحدى كبرَيات الأزمات الإنسانية في العالم. وقُدِّر في كانون الأول/ديسمبر 2015 أنّ 21.2 مليون شخص - أيْ 82 في المئة من سكّان اليمن – كانت تَلزمهم مساعدةٌ إنسانية..".

وبحسب التقرير، فقد حدث ارتفاعا "يَصل إلى 33 في المئة عمّا كان في أواخر عام 2014 (15.9 مليون نسَمة)"/ طبقا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية (2015UNOCHA :). فيما "يزيد عددُ المشرَّدين داخليًّا وفي البلدان المجاورة على 2.3 مليون شخص، وثمّةَ أكثرُ من 5600 قتيلٍ وأكثر من 16 ألفَ جريح"/ وفقا لإحصائيات مكاتب الأمم المتحدة (2015UN: ).

وفيما يتعلق بالحالة الاقتصادية، أشار التقرير إلى أن "انهيارُ الاقتصاد والخدماتِ الأساسية يتزايد بسبب انخفاضِ الواردات وتزايُدِ انعدام الأمن إلى حدٍّ كبير. فهناك 12.9 مليون شخصٍ يكافحون للحصول على ما يكفي من الغذاء، فيما يفتقر20.4 مليون إلى إمكان الحصول على مياهٍ صالحةٍ للشّرب أو صرْفٍ صحِّيٍّ وافٍ"/ (2015UNOCHA :). "وقد أغُلقت منشآتٌ صحّيةٌ عديدة – بما في ذلك المستشفيات -ما يترك 15.2 مليون شخصٍ من دون إمكان الحصول على رعايةٍ صحّيةٍ أساسيّة/ (2015UNOCHA :).

ويلفت التقرير إلى أن اليمن "قبلٍ النزاع عام 2015، كانت في المرتبة 154 على مؤشّر التنمية البشرية، مسجِّلةً أعلى مستويات الفقر والبَطالة والأُمِّية، وأدنى معدّلات التعليم والتغذية، بين جميع البلدان في المنطقة العربية. وسرَّع النزاعُ تفاقُمَ الأزمة الموجودةِ من قبْل، وعكَس مسارَ مكاسب التنمية البشرية التي تحققت في السنوات الأخيرة. وكانت هذه المكاسبُ قد شهدت مستوياتِ تعليمٍ ومؤشِّراتِ حصولٍ على الغذاء والمأوى أخذة في التحسن أو الاستقرار؛ لكنّ الفقرَ، الذي يَرتفع أصلً بازديادٍ حتى ما قبلَ أحدث الأزمات السياسية، قفَز أيضًا من 42 في المئة من السكّان عام 2009 إلى 54.5 في المئة عام 2012"/ (UNOCHA)

ويقول أيضا: "بسبب النزاع، فقَد أكثرُ من 1.8 مليون طفلٍ في سنِّ الدراسة إمكانَ الوصول إلى المدرسة؛ مع أكثرَ من 3500 مدرسة – أيْ رُبْع كلِّ المدارس – مغلَقةً، ونحْوِ 600 ألفِ طفلٍ غيرِ قادرين على تقديم امتحاناتِهم"/ بحسب البنك الدولي (2015). "وأدّى هذا الأمرُ إلى ما مجموعُه نحوُ 3 ملايين طفلٍ - أيْ 47 في المئة من أطفال سِنِّ المدرسة في اليمن - غيرُ قادرين على تَلقّي التعليم بسبب النزاعات والفقر والتمييز"/(اليونسيف: 2015).

ويضيف: "لدى اليمن أحد أعلى معدّلات سوءِ التغذية المزمنِ والحادّ. فوَفقًا لمنظمّة الأمم المتحدة للطفولة (اليُونيسف)، يُرجَّح أن يُعانيَ نحوُ 1.8 مليون طفلٍ بعضَ أشكال سوء التغذية عام2015 - أي بزيادةٍ قدْرُها مليونُ طفلٍ تقريبًا عن عام 2014". "ويُتوقَّع أنْ يكون نصفُ مليونٍ من هؤلاء الأطفال عرْضةً لخطر سوءِ تغذيةٍ حادٍّ عام 2015 ؛ وهو أكثرُ من ثلاثة أضعاف العدد المبلَّغِ عنه عام 2014"/(UNOCHA: 2015)

ويتابع تقرير التنمية البشرية 2016: "يتسبّب النزاعُ المتصاعد في تفاقُم وضعِ النساء في اليمن اللَّواتي يُواجِهنَ منذُ أمدٍ بعيد جوانبَ عدم المساواة بين الجنسين التي تَحدّ من حصولهنَّ على خدماتٍ أساسية وفُرصٍ لكسْب الرزق. وغالبًا ما تتحمّل المشرَّداتُ – اللَّواتي قُدِّر عددُهنّ في أوائل أيّار/مايو 2015 ب 54 في المئة من مجموع المشرَّدين داخليًّا - عبءَ إعالة أُسَرهنّ، على الرّغم من تحدِّيات الحصول على المساعدة، خصوصًا خارجَ مجتمعاتهنّ. وأظهرت تقديراتُ ما قبلَ الأزمة في اليمن أنّ النساءَ في الأُسَر التي تفتقر للأمن الغذائي غالبًا ما يُقلِّلنَ طعامَهنّ لتوفير قدرٍ أكبرَ لأطفالهنّ. ومنذُ بدْء النزاع، تُفيد النساءُ بأنّ أعباءَ عملِهنَّ زادت بشكلٍ كبير، وأنهنَّ في حاجةٍ إلى دعمٍ إضافي للوفاء بمسؤوليّاتِهنّ"/(UNOCHA: 2015).

وبحسب التقرير، فقد "زاد النزاعُ والتشريدُ الحديث العهدِ أيضًا مخاطرَ العنف المبْنيِّ على النوع الاجتماعيّ، وبخاصةٍ العنفُ الجنسيّ، والعنفُ العائليّ، والزواجُ المبكِّر والمتاجرةُ بالجنس لتلبية احتياجات البقاء الأساسية. ولَربّما لن تكون للمشرَّدات إمكانيةُ الحصول على مستلزَمات النظافة الصحِّيّة والنسائيّة، ما يُجبِرهنّ على البقاء بعيدًا عن الأنظار. فعدمُ وجود خدماتِ الاستجابة المُنقذةِ للحياة ومَلاجئَ آمنةٍ للناجين – الذين غالبًا ما يَخشَونَ وصمةَ العار أو الرفض – يؤدِّي إلى تفاقُم المشكلة. وللعنف المبْنيِّ على النوع الاجتماعيّ وقعٌ غيرُ متناسبٍ على النساء، بما فيهنَّ اللَّواتي يُواجِهنَ بالفعل مخاطرَ حمائيةٍ مرتفعةً؛ مثلَ المشرَّداتِ داخليًّا وغيرِهِنَّ من الفئات الضعيفة".

ويوضح: "تتجسّدُ قوةُ المجتمع اليمني في نُظُمِه غيرِ الرسمية من خلال روابطَ أُسَريّةٍ وإقليميةٍ ومجتمعيّةٍ غيرِ رسمية تَخضع للتآكُل بسبب استِهلاكِ الأُصول، وقطْعِ مصادر الدَّخل، وانْهيارِ القانون والنظام، واسْتِنفادِ قوة الشعب النَّفسية. فالمجتمعاتُ مستغرِقةٌ في التأقلم مع الواقع القاسي للنزاع، فيما يُشظِّي تعقيدُ الأزمةِ المجتمعَ؛ كاشِفًا انقساماتِه القديمةَ، ومُستفِزا انقساماتٍ جديدةً"/بحسب تقرير البرنامج الإنمائي UNDP: 2015))

وبناء على تلك الأرقام، يحذر التقرير بالقول: "اِحتياجاتُ الشعب اليَمنيِّ مُلِحّةٌ، لكنّ الوقعَ سيكون على المدى الطويل. وحتّى لو انتهى النزاعُ غدًا، فلَسَوف يَستغرق الأمرُ سنواتٍ لإجراء الإصلاحاتِ اللازمة لاستئناف الخدماتِ الأساسية، واستعادةِ مصادر الرِّزقِ الحضَريةِ والرِّيفية، وعودةِ المشرَّدينَ داخليًّا إلى ديارهم، وتخفيفِ خطر الذخائرِ غير المنفجرة وإزالتِه في نهاية المطاف".

ولكون الشباب هم محور تركيز تقرير التنمية البشرية 2016، يصل التقرير – في خاتمته - إلى ربط كل ذلك بالتأثيرات السلبية المستقبلية لشباب اليمن، مقررا: "والوقعُ الطويلُ الأمد على الشباب يَبعث على القلق بشكلٍ خاصّ، ويُرجَّح أنْ يُؤثِّر في بضعة أجيالٍ قادمة".

معطلات التنمية: التشرد والهجرة

وفي موضع أخر، تحت عنوان "نزاعاتٌ عنيفة: تعطيلٌ للتنمية الإنسانيّة"، يتحدث التقرير عن "التشرد الهائل" كأحد الأثار السلبية الأخرى للنزاع التي تؤثر في التنمية الإنسانية، مشيرا إلى أن "المنطقة العربية تعتبر موطن 5% من سكان العالم، لكنها أيضا موطن 47% من النازحين داخليا في العالم؛ حيث وصلت نسبةُ اللاجئين إلى 58 في المئة من اللاجئين في العالم، بعدما كانت نسبتهم 34 في المئة في العام 2000"/ (UNHCR&UNRWA: (2015.

وفي اليمن، يؤكد التقرير "تشرَّد ما لا يقل عن 2.5 مليون شخص منذ اندلاع النزاع في آذار/مارس 2015 (حتى كانون الأول/ديسمبر 2015)"/ (UNOCHA: 2015b)

وفيما يتعلق بالمهاجرين اليمنيين إلى الخارج، أشار التقرير إلى أن عدد من هاجروا خارج اليمن، بلغوا (887,800) مهاجرا، أي بنسبة 3.4% من إجمالي عدد السكان (تقديرات: 2010 – 2014). كانت النسبة الأكبر منهم إلى الدول العربية، بعدد (850,000) مهاجر، تليها أوروبا التي هاجر إليها (20,000) يمني، ثم أمريكا الشمالية بعدد (17,800) مهاجر يمني. خلال الفترة المذكورة.

لماذا الشباب؟

ومن المهم الإشارة إلى أن البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة كان أشار إلى أن تقرير التنمية الإنسانية العربية 2016 "ينطلق من حقيقة أن جيلُ الشباب الحالي يمثل أكبرُ كتلة شبابيّة تشهدها المنطقة على مدى السنوات الخمسين الماضية، إذ يكون 30 في المئة من سكّانها الذين يبلغ عددُهم 370 مليونَ نسمة. وينبِّه التقرير إلى أن البلدان العربية تستطيع تحقيقَ طفرة حقيقية ومكاسب كبيرة في مجالي التنمية، وتعزيزَ الاستقرار، وتأمينَ هذه المكاسب على نحوٍ مستدام إذا تبنَّت سياساتٍ تُعطي الشبابَ حصةً يستحقونها في تشكيل مجتمعاتِهم وتَجعلهم محطَّ الاهتمام - سياسيًّا واجتماعيًّا واقتصاديًّا".

ودعا دول المنطقة إلى "الاستثمار في شبابها وتمكينهم من الانخراط في عمليات التنمية، كأولوية حاسمة وملحة في حد ذاتها وكشرط أساسي لتحقيق التنمية المستدامة"، لافتا إلى أن هذه الدعوة "تكتسب أهمية خاصة اليوم إذ تشرع كافة البلدان، ومنها الدول العربية في إعداد خططها الوطنية لتنفيذ خطة 2030 للتنمية المستدامة. كما يدعو التقرير إلى تبني نموذجِ تنميةٍ ذي تَوجُّهٍ شبابي، يُركِّز في آن واحد على بناء قدرات الشباب وتوسيعِ الفرص المتاحةِ لهم، ويعتبر أن تحقيقَ السلام والأمن على الصعيدَين الوطنيِّ والإقليمي شرطًا أساسيًّا لمستقبلٍ جدير بالشباب.

[caption id="attachment_14058" align="aligncenter" width="550"]

undp-challenges

صورة أنفوجرافكس أقتبسها "يمن شباب نت" من تقرير التنمية البشرية العربية 2016[/caption]

 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر